زيد قائم. فقلت أنت: وعمرو قائم، لا يعتبر قولك هذا ردًّا علي كلامي. بل إضافة إلي الكلام.
فإذا قلت: لا قائم إلا زيد. هذا فيه نفي وإثبات. حينئذٍ حصل التوحيد. صار المتفرد بالقيام زيدٌ. فتبين أنه لا توحيد إلا بنفي وإثبات. ولهذا قال الله سبحانه وتعالى عن وصف إبراهيم:{وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
٦ - أن الإسلام إذا أطلق أو أفرد دخل فيه الإيمان. وجهه أن الله وصف إبراهيم بالإسلام، وهو كذلك. فالإسلام إذا أفرد دخل فيه الإيمان، والإيمان إذا أفرد دخل فيه الإسلام، وإذا اقترنا افترقا صار الإسلام علانية والإيمان في القلب .. ففي حديث جبريل (١) اجتمعا فافترقا .. ولهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام بشيء وفسر الإيمان بشيء آخر .. وفي قوله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات: ١٤]، اجتمعا فافترقا .. فصار الإيمان الذي ادعوه غير الإسلام الذي أثبته الله لهم قال:{وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات: ١٤]، وفي قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} [الذاريات: ٣٥، ٣٦] اجتمعا فافترقا. الإخراج لم يكن إلا للمؤمنين، لوط وأهله إلا زوجته. فصار الذين أخرجوا هم المؤمنين الخلص. البيت يشتمل علي أهله الذين آمنوا إيمانًا خالصًا وعلي امرأته التي خانته فهي مسلمة، وليست مؤمنة. فالبيت كله باعتبار الكل مسلم. ولهذا قال: {فَمَا
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٥٠). ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان، رقم (٨).