هنا يقول عزّ وجل:{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}:
(في أموالكم): إما من قِبَل الله عزّ وجل كالجوائح، وإما من قِبل المخلوقين كتسلط المشركين على أموال المسلمين، وكل ذلك من البلاء الذي يبتلي الله به العباد.
وقوله:{وَأَنْفُسِكُمْ} يشمل أيضًا البلوى المتصلة والمنفصلة.
البلوى المتصلة: ما يحصل على الإنسان من بلوى من الله عزّ وجل في بدنه مثل: المرض والعجز وما أشبه ذلك.
والبلوى المنفصلة: ما تكون في الأولاد؛ لأن الأولاد من أنفسنا، يبتلى الإنسان في ولده، أو في أهله، أو في زوجته، أو في غير ذلك، وهذا أيضًا من الابتلاء، ثم إن الابتلاء الذي يكون إما من الله وإما من المخلوق، فيبتلى الإنسان في نفسه من المخلوقين يؤذونه أحيانًا بالضرب، وأحيانًا بالقول، وأحيانًا بالقتل، كما قتلوا الأنبياء بغير حق.
قوله:{وَلَتَسْمَعُنَّ} فعل مضارع متصل بنون التوكيد، ومع ذلك كان مرفوعًا، والمعروف أن الفعل المضارع إذا اتصل بنون التوكيد يبنى على الفتح، وذلك أن الاتصال يجب أن يكون لفظًا وتقديرًا، وهذه متصلة لفظًا لا تقديرًا؛ لأن الأصل فيها (لتسمعونن) فهنا واو ونون محذوفتان.
{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}: وهم اليهود والنصارى.
{وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا}: وهم الوثنيون كقريش وغيرهم.