أُجْرَتِهِ إِجَارَةً أَوْ جَعَالَةً، وَيُؤَدِّيهِ مِنَ الزَّكَاةِ. وَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. فَإِنْ زَادَ، فَهَلْ تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ، أَمْ يَكُونُ قَدْرُ الْأُجْرَةِ مِنَ الزَّكَاةِ وَالزَّائِدُ فِي خَالِصِ مَالِ الْإِمَامِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ زَادَ سَهْمُ الْعَامِلِينَ عَلَى أُجْرَتِهِ، رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى سَائِرِ الْأَصْنَافِ. وَإِنْ نَقَصَ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُكَمَّلُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ.
وَفِي قَوْلِ: مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمَصْلِحَةِ، وَقِيلَ: إِنْ بَدَأَ بِالْعَامِلِ كَمَّلَهُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا فَمِنَ الْخُمُسِ لِعُسْرِ الِاسْتِرْدَادِ مِنَ الْأَصْنَافِ.
وَقِيلَ: إِنْ فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الْأَصْنَافِ، فَمِنَ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا، فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَالْخِلَافُ فِي جَوَازِ التَّكْمِيلِ مِنَ الزَّكَاةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ التَّكْمِيلِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مُطْلَقًا، بَلْ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الْعَامِلِ كُلَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، جَازَ، وَيُقَسِّمُ الزَّكَاةَ عَلَى سَائِرِ الْأَصْنَافِ.
فَرْعٌ
إِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ صِفَتَانِ، فَهَلْ يُعْطَى بِهِمَا، أَمْ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ؟ فِيهِ طُرُقٌ. أَصَحُّهَا: عَلَى قَوْلَيْنِ.
أَظْهَرُهُمَا: بِإِحْدَاهُمَا، فَيَأْخُذُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِهَذَا. وَالثَّالِثُ: إِنِ اتَّحَدَ جِنْسُ الصِّفَتَيْنِ، أُعْطِيَ بِإِحْدَاهُمَا، وَإِنِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا، فَيُعْطَى بِهِمَا.
فَالِاتِّحَادُ، كَالْفَقْرِ مَعَ الْغُرْمِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُمَا يَأْخُذَانِ لِحَاجَتِهِمَا إِلَيْنَا. وَكَالْغُرْمِ لِلْإِصْلَاحِ مَعَ الْغَزْوِ، فَإِنَّهُمَا لِحَاجَتِنَا إِلَيْهِمَا. وَالِاخْتِلَافُ، كَالْفَقْرِ وَالْغَزْوِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَكَانَ الْعَامِلُ فَقِيرًا، فَوَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ، أَمْ صَدَقَةٌ لِكَوْنِهِ مَعْدُودًا فِي الْأَصْنَافِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ.
وَإِذَا جَوَّزْنَا الْإِعْطَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ، جَازَ بِمَعَانٍ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْحَنَّاطِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute