الْأَرْشَ حَصَلَ حِينَئِذٍ، وَإِنْ عَجَزَ فَلِلسَّيِّدِ إِرْقَاقُهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ بِبَعْضِ النُّجُومِ.
وَيَجِيءُ الْوَجْهُ الْآخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ بَعْدَ حُصُولِهِ. وَفِي قَدْرِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ قَدْرِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ بِحَسَبِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ، وَبِهَذَا قَطَعَ السَّرَخْسِيُّ.
وَالثَّانِي: مَا نَقَصَ مِنَ النُّجُومِ الْمَقْبُوضَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ. وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ تَرْجِيحَ هَذَا الْوَجْهِ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِي كُلِّ عَقْدٍ وَرَدَ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَأَمْثَلُ مِنْهُمَا أَنْ يُقَالَ: يَغْرَمُ السَّيِّدُ مَا قَبَضَ، وَيُطَالِبُهُ بِالْمُسَمَّى بِصِفَاتِهِ الْمَشْرُوطَةِ.
أَمَّا إِذَا قَبَضَ النُّجُومَ، فَوَجَدَهَا نَاقِصَةَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ، فَلَا يُعْتَقُ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ السَّيِّدِ أَمْ تَلِفَ فَإِنْ رَضِيَ بِالنَّاقِصِ، فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ بِالْإِبْرَاءِ عَنِ الْبَاقِي.
السَّادِسَةُ: إِذَا خَرَجَ بَعْضُ النُّجُومِ مُسْتَحَقًّا، تَبَيَّنَ أَنْ لَا عِتْقَ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا، وَأَنَّ مَا تَرَكَهُ لِلسَّيِّدِ دُونَ الْوَرَثَةِ.
وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ عِنْدَ الْأَخْذِ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَدْ عُتِقْتَ ثُمَّ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ، فَهَلْ يُحْكَمُ بِالْحُرِّيَّةِ مُؤَاخَذَةً لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، وَهُوَ صِحَّةُ الْأَدَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَكَانَ قَدْ قَالَ فِي مُخَاصَمَةِ الْمُدَّعِي: إِنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فُلَانٍ إِلَى أَنِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ أَنَّهُ هَلْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ؟ وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ بِالْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: أَعْتَقْتَنِي بِقَوْلِكَ: أَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ السَّيِّدُ: أَرَدْتُ أَنَّكَ حُرٌّ بِمَا أَدَّيْتَ، وَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحِّ الْأَدَاءُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ، وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ قَوْلِ السَّيِّدِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إِرَادَتَهُ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَقِيَاسُ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute