الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْخِيَامُ بِرَبْطِهَا وَتَنْضِيدِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ دَوَامِ اللِّحَاظِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الصَّحْرَاءِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ كَالدُّورِ فِي الْحَصَانَةِ ; لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا قَابِلَةٌ لِلسَّرِقَةِ، فَإِذَا ضَرَبَ فِي صَحْرَاءَ خَيْمَةً، وَآوى إِلَيْهَا مَتَاعًا، فَسُرِقَ مِنْهَا، أَوْ سُرِقَتْ هِيَ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَشُدَّ أَطْنَابَهَا، وَلَمْ يُرْسِلْ أَذْيَالَهَا، فَهِيَ وَمَا فِيهَا كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ شَدَّهَا بِالْأَوْتَادِ وَأَرْسَلَ أَذْيَالَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا فِيهَا، فَلَا قَطْعَ، وَقِيلَ: الْخَيْمَةُ مُحْرَزَةٌ دُونَ مَا فِيهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا فِي نَفْسِهَا مُسْتَيْقِظًا، أَوْ نَائِمًا، أَوْ نَامَ بِقُرْبِهَا، وَجَبَ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهَا أَوْ سَرِقَةِ مَا فِيهَا لِحُصُولِ الْإِحْرَازِ فِي الْعَادَةِ، قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي مَفَازَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْغَوْثِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُبَالَى بِهِ، فَلَيْسَ بِحِرْزٍ، وَلَوْ ضَرَبَ خَيْمَةً بَيْنَ الْعِمَارَةِ، فَهُوَ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي السُّوقِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ إِسْبَالُ بَابِ الْخَيْمَةِ إِذَا كَانَ مَنْ فِيهَا نَائِمًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَلَوْ شَدَّهَا بِالْأَوْتَادِ وَلَمْ يُرْسِلْ أَذْيَالَهَا وَكَانَ يُمْكِنُ دُخُولُهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَهِيَ مُحْرَزَةٌ وَمَا فِيهَا لَيْسَ بِمُحْرَزٍ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ وَالْأَحْمَالَ إِذَا شُدَّ بَعْضُهَا بِبَعْضِ تَكُونُ مُحْرَزَةً بَعْضَ الْإِحْرَازِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَيْمَةً، وَلَوْ أَنَّ السَّارِقَ يَجِيءُ النَّائِمَ فِي الْخَيْمَةِ، ثُمَّ سَرَقَ، فَلَا قَطْعَ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِرْزًا حِينَ سَرَقَ.
الْخَامِسَةُ: الْمَوَاشِي فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُغْلَقَةِ الْأَبْوَابِ مُحْرَزَةٌ إِنِ اتَّصَلَتْ بِالْعِمَارَةِ، سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا فِيهَا أَمْ لَمْ يَكُنْ، لِلْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَرِّيَّةٍ، لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً إِلَّا إِذَا كَانَ صَاحِبُهَا فِيهَا مُسْتَيقِظًا أَوْ نَائِمًا، فَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا، اشْتُرِطَ كَوْنُهُ مُسْتَيْقِظًا، وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَاحُ مِنْ حَطَبٍ أَوْ حَشِيشٍ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْأَبْنِيَةِ فَلَهَا أَحْوَالٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْإِبِلُ تَرْعَى فِي صَحْرَاءَ، فَهِيَ مُحْرَزَةٌ إِذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute