الثَّالِثَةُ: إِذَا كَانَ الزَّوْجُ لَا يُحْسِنُ مَا شُرِطَ تَعْلِيمُهُ، فَإِنِ الْتَزَمَ التَّعْلِيمَ فِي الذِّمَّةِ، جَازَ ثُمَّ يُأْمَرُ بِتَعْلِيمِهَا أَوْ يَتَعَلَّمُ وَيُعَلِّمُهَا. وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يُعْلِمَهَا بِنَفْسِهِ، فَهَلْ يَصِحُّ ثُمَّ يَتَعَلَّمُ وَيُعَلِّمُهَا، أَمْ لَا يَصِحُّ لِعَجْزِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ثُمَّ يُعَلِّمَهَا، لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ صَحَّحْنَا فَأَمْهَلَتْهُ لِيَتَعَلَّمَ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ بِالصَّدَاقِ. وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ يُعَلِّمُهَا، جَازَ إِنْ كَانَ الْتَزَمَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تُقِيمَ غَيْرَهَا مُتَعَلِّمًا، فَهَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ كَالْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ يَرْكَبُ غَيْرُهُ، أَمْ لَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْفَهْمِ وَالْحِفْظِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الثَّانِي، وَخَالَفَهُمُ الْإِمَامُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْإِبْدَالِ مَعَ التَّرَاضِي. وَلَوْ فُرِضَ عَقْدٌ مُجَدِّدٌ، فَأَبْدَلَتْ مَنْفَعَةً بِمَنْفَعَةٍ، جَازَ قَطْعًا.
الرَّابِعَةُ: أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ وَلَدِهَا، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لِوَلَدِهَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غُلَامِهَا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يَصِحُّ كَالْوَلَدِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يَصِحُّ، وَهَذَا أَصَحُّ. وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ أَوْ خِتَانِ الْعَبْدِ، فَشَرَطَتْهُ صَدَاقًا، جَازَ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ، بِأَنْ تَعَلَّمَتْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ كَانَتْ بَلِيدَةً لَا تَتَعَلَّمُ، أَوْ لَا تَتَعَلَّمُ إِلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ وَيَذْهَبُ الْوَقْتُ فِي تَعْلِيمِهَا فَوْقَ الْعَادَةِ، أَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَالشَّرْطُ أَنْ يُعَلِّمَ بِنَفْسِهِ، فَفِي الْوَاجِبِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الصَّدَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ. فَعَلَى الْأَظْهَرِ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعَلَى الْآخَرِ: أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ.
السَّادِسَةُ: قَالَ: عَلَّمْتُكِ وَأَنْكَرَتْ، فَإِذَا لَمْ تُحْسِنْهُ، صَدَقَتْ، وَإِنْ أَحْسَنَتْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute