هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي «التَّتِمَّةِ» وَجْهٌ: أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ تَعْيِينًا لِلنِّكَاحِ.
وَلَوْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ عَدَدٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَعْيِينٌ لِنِكَاحِهِنَّ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ تُخَاطَبُ بِهِ، بَلْ هُوَ بِهَا أَلْيَقُ. فَعَلَى هَذَا، إِنِ اخْتَارَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا، أَوْ آلَى لِلنِّكَاحِ، صَحَّ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَيَصِيرُ عَائِدًا إِنْ لَمْ يُفَارِقْهَا فِي الْحَالِ.
وَلَوْ قَذَفَ إِحْدَاهُنَّ، لَزِمَهُ الْحَدُّ إِنْ كَانَتْ مُحَصَنَةً، وَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِنِ اخْتَارَ غَيْرَ الْمَقْذُوفَةِ، وَإِنِ اخْتَارَهَا، سَقَطَ بِالْبَيِّنَةِ وَبِاللِّعَانِ.
[الْفَرْعُ] الثَّانِي: قَالَ: فَسَخْتُ نِكَاحَ هَذِهِ، أَوْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ، أَوْ قَالَ: اخْتَرْتُ هَذِهِ لِلْفَسْخِ، أَوْ هَذِهِ لِلْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ اخْتَرْتُ فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ أَرَادَ الْفِرَاقَ، أَوْ أَطْلَقَ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفَسْخِ. وَلَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ: فَارَقْتُكِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فَسْخٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا. وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ ; لِأَنَّهُ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: لَوِ اخْتَارَ الْجَمِيعَ لِلنِّكَاحِ أَوِ الْفَسْخِ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَلَوْ طَلَّقَ الْجَمِيعَ، وَقَعَ عَلَى الْمَنْكُوحَاتِ وَيُعَيِّنُهُنَّ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَقَدِ اخْتَرْتُكِ لِلنِّكَاحِ أَوْ لِلْفَسْخِ، لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ تَعْلِيقَ الِاخْتِيَارِ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ إِمَّا كَالِابْتِدَاءِ، كَالنِّكَاحِ، وَإِمَّا كَالرَّجْعَةِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ كَالطَّلَاقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ، تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الطَّلَاقِ، وَيَحْصُلُ اخْتِيَارُهَا ضِمْنًا، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ اسْتِقْلَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute