قُلْتُ: وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ، الْقَطْعُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ إِذَا انْفَسَخَتْ بِسَبَبٍ، لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ ضَمَانَ الْمَنَافِعِ التَّالِفَةِ عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا عَلِمَ الْمَالِكُ بِأَنَّهَا انْفَسَخَتْ، وَإِلَّا، فَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَهُ. وَإِذَا لَمْ يُعْلِمْهُ، كَانَ مُقَصِّرًا ضَامِنًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ غُصِبَتِ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَعَ دَوَابِّ الرُّفْقَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ فِي الطَّلَبِ، وَلَمْ يَذْهَبِ الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ، فَإِنِ اسْتَرَدَّ مَنْ ذَهَبَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا غَرَامَةٍ، ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُتَخَلِّفُ. وَإِنْ لَحِقَهُ غَرَامَةٌ وَمَشَقَّةٌ، لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ الْعُبَّادِيُّ.
فَرْعٌ
لَوِ اسْتَأْجَرَ قِدْرًا مُدَّةً لِيَطْبُخَ فِيهَا، ثُمَّ حَمَلَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ لِيَرُدَّهَا، فَسَقَطَ الْحِمَارُ فَانْكَسَرَتْ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: إِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهَا، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ يَسْتَقِلُّ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، سَوَاءٌ أَلْزَمْنَاهُ الرَّدَّ، أَمْ لَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقِدْرَ لَا تَرِدُ بِالْحِمَارِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ حَمَّالٍ بِهَا.
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلْحَمْلِ أَوِ الرُّكُوبِ، إِذَا رَبَطَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فِي الْمُدَّةِ، فَالْقَوْلُ فِي اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ مَاتَتْ فِي الْإِصْطَبْلِ. فَلَوِ انْهَدَمَ عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ بِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْمَعْهُودُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْ خَرَجَ بِهَا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ، وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا. وَإِنْ كَانَ الْمَعْهُودُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ السَّقْفِ، كَجُنْحِ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ، فَلَا ضَمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute