فَرْعٌ إِذَا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ ثُمَّ نُقِضَتْ، فَلَهَا أَحْوَالٌ.
إِحْدَاهَا: أَنْ تَتَعَيَّبَ مِنْ غَيْرِ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا انْفِصَالِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ يَنْشَقَّ جِدَارٌ، أَوْ مَالَتِ أُسْطُوَانَةٌ، أَوِ انْكَسَرَ جِذْعٌ، أَوِ اضْطَرَبَ سَقْفٌ، فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْأَخْذِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ، كَتَعَيُّبِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُهَا، فَيُنْظَرُ إِنْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنَ الْعَرْصَةِ بِأَنْ غَشِيَهَا سَيْلٌ فَغَرَّقَهَا، أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ. وَإِنْ بَقِيَتِ الْعَرْصَةُ وَتَلِفَتِ السُّقُوفُ وَالْجُدْرَانُ بِاحْتِرَاقٍ وَغَيْرِهِ، فَيُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ [السَّابِقِ] فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: أَنَّ سَقْفَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَجِدَارَهَا كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ الْمَبِيعَيْنِ، أَمْ كَطَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْعَبْدِ وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّهُ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ. وَإِنْ قُلْنَا: كَطَرَفِ الْعَبْدِ، أَخَذَهَا بِكُلِّ الثَّمَنِ. وَقِيلَ: إِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَخَذَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. وَإِنْ تَلِفَ بِإِتْلَافِ مُتْلِفٍ أَخَذَ بِالْحِصَّةِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْصُلُ لَهُ بَدَلُ التَّالِفِ، فَلَا يَتَضَرَّرُ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَتْلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا، لَكِنْ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِالِانْهِدَامِ، فَهَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ النَّقْضَ. فِيهِ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. فَعَلَى هَذَا يَأْخُذُهُ مَعَ الْعَرْصَةِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، أَوْ يَتْرُكُهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَأْخُذُهُ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ السَّقْفَ وَالْجِدَارَ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، أَوْ كَطَرَفِ الْعَبْدِ. إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ أَخَذَ الْعَرْصَةَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الْبِنَاءِ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ. وَالثَّانِي وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ: يَأْخُذُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ كَالْحَالَةِ الْأُولَى. وَعَلَى هَذَا يُشَبَّهُ النَّقْضُ بِالثِّمَارِ وَالزَّوَائِدِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute