كَالْإِرْثِ، وَالْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، فَفِي رُجُوعِهِ وَجْهَانِ. وَإِنْ عَادَ بَعُوضٍ، بِأَنِ اشْتَرَاهُ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، فَكَعَوْدِهِ بِلَا عِوَضٍ. وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ، وَقُلْنَا بِثُبُوتِهِ لِلْبَائِعِ لَوْ عَادَ بِلَا عِوَضٍ، فَهَلِ الْأَوَّلُ أَوْلَى لَسَبْقِ حَقِّهِ، أَمِ الثَّانِي لَقُرْبِ حَقِّهِ، أَمْ يَشْتَرِكَانِ وَيُضَارِبُ كُلٌّ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
قُلْتُ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَوَّلًا: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَجْزُ الْمَكَاتَبُ وَعَوْدُهُ، كَانْفِكَاكِ الرَّهْنِ. وَقِيلَ: كَعَوْدِ الْمِلْكِ.
قُلْتُ: لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا، وَلَمْ يَعْلَمِ الشَّفِيعُ حَتَّى حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَأَفْلَسَ بِالثَّمَنِ، فَأَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ، فَيَخُصُّ بِهِ الْبَائِعَ، جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ. وَالثَّانِي يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَآخَرِينَ: يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ كُلِّهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْمَبِيعِ تَغَيُّرٌ مَانِعٌ. وَلِلتَّغَيُّرِ حَالَانِ. حَالٌ بِالنَّقْصِ، وَحَالٌ بِالزِّيَادَةِ. الْأَوَّلُ: النَّقْصُ، وَهُوَ قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا: نَقْصٌ لَا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَلَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ كَالْعَيْبِ. فَإِنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ. إِنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِالثَّمَنِ كَتَعَيُّبِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ حِسِّيًّا كَسُقُوطِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَالْعَمَى أَوْ غَيْرِهِ، كَنِسْيَانِ الْحِرْفَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِبَاقِ وَالزِّنَا. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَعِيبَ، وَيُضَارِبُ بِأَرْشِ النَّقْصِ، كَمَا نَذْكُرُهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ، لَزِمَهُ الْأَرْشُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute