فَرْعٌ
اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا مَعًا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، عَتَقَتِ الْجَارِيَةُ، بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ إِعْتَاقَ الْبَائِعِ نَافِذٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْفَسْخِ، وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى وَإِنْ جَعَلْنَا الْمِلْكَ فِيهِ لِمُشْتَرِيهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِنَفَاذِ إِعْتَاقِ الْمُشْتَرَى، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي، يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يَعْتِقُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ إِجَازَةٌ. وَالْأَصْلُ: اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي: تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا فَسْخٌ، فَقُدِّمَ عَلَى الْإِجَازَةِ. وَلِهَذَا لَوْ فَسَخَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَأَجَازَ الْآخَرُ، قُدِّمَ الْفَسْخُ. وَالثَّالِثُ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ، فَالْمُعْتِقُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعَبْدِ مُشْتَرٍ، وَالْخِيَارُ لِصَاحِبِهِ، وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى الْجَارِيَةِ بَائِعٌ. وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي إِعْتَاقِهِمَا وَالَّذِي يُفْتَى بِهِ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ. فَإِنْ فَسَخَ صَاحِبُهُ، نَفَذَ فِي الْجَارِيَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْعَبْدِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَأَعْتَقَهُمَا مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ، فَقِسِ الْحُكْمَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقُلْ: إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، عَتَقَ الْعَبْدُ دُونَ الْجَارِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ وَحْدَهُ، فَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ. فِي الْأَوَّلِ: يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَفِي الثَّانِي: الْجَارِيَةُ، وَلَا يَخْفَى الثَّالِثُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute