لَا، كَمَا لَا يَمْتَنِعُ التَّحَالُفُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، وَيُخَالِفُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ; لِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ يَنْدَفِعُ بِالْأَرْشِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ الثَّمَنُ. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَإِنْ تَمَّ الْعَقْدُ، لَزِمَ الثَّمَنُ، وَإِلَّا وَجَبَتِ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ. فَإِنْ تَنَازَعَا فِي تَعْيِينِ الْقِيمَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ. وَذَكَرُوا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفَسِخْ حَتَّى انْقَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ، فَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا تَخْلِيطٌ ظَاهِرٌ.
فَرْعٌ
لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَأَتْلَفُهُ مُتْلِفٌ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَالتَّلَفِ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ، نُظِرَ، إِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، بُنِيَ عَلَى مَا لَوْ تَلَفَ. إِنْ قُلْنَا: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُنَاكَ، فَهُوَ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَكَذَا هُنَا، وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْقِيمَةُ، وَالْخِيَارُ بِحَالِهِ. فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي، اسْتَقَرَّ الثَّمَنُ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَجَعَلْنَا إِتْلَافَهُ قَبْضًا، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلَفَ فِي يَدِهِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَفِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى أَنَّ إِتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، أَمْ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؟ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute