وَقْتِ الْإِجَازَةِ أَمِ الْإِعْتَاقِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. وَإِنْ قُلْنَا بِوَجْهِ ابْنِ سُرَيْجٍ، فَفِي بُطْلَانِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَبْطُلُ، لَكِنْ لَا يُرَدُّ الْعِتْقُ، بَلْ إِذَا فَسَخَ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ، كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ. أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي، فَيُنَفَذُ إِعْتَاقُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا مُصَادِفٌ مِلْكَهُ وَإِمَّا إِجَازَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إِبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ. وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، لَمْ يَنْفُذْ، تَمَّ الْبَيْعُ أَمْ فُسِخَ. وَيَجِيءُ فِيمَا لَوْ فُسِخَ الْوَجْهُ النَّاظِرُ إِلَى الْمَآلِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ، لَمْ يَنْفُذْ إِنَّ تَمَّ الْبَيْعُ، وَإِلَّا نَفَذَ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لِلْبَائِعِ، فَإِنِ اتَّفَقَ الْفَسْخُ فَهُوَ نَافِذٌ، وَإِلَّا فَقَدْ أَعْتَقَ مِلْكَهُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ، فَهُوَ كَإِعْتَاقِ الرَّاهِنِ.
وَمِنْهُ: الْوَطْءُ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ، فَفِي حِلِّهِ لِلْبَائِعِ طُرُقٌ. أَحَدُهَا: أَنَّا إِنْ جَعَلْنَا الْمِلْكَ لَهُ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَجْهُ الْحِلِّ: أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْفَسْخَ، وَفِي ذَلِكَ عَوْدُ الْمِلْكِ إِلَيْهِ مَعَهُ أَوْ قُبَيْلَهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: إِنْ لَمْ نَجْعَلِ الْمِلْكَ لَهُ، فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَجْهُ التَّحْرِيمِ: ضَعْفُ الْمِلْكِ، وَ [الطَّرِيقُ] الثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِالْحِلِّ مُطْلَقًا. وَالْمَذْهَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: الْحِلُّ، إِنْ جَعَلْنَا الْمِلْكَ لَهُ، وَالتَّحْرِيمُ، إِنْ لَمْ نَجْعَلْهُ لَهُ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ بِحَالٍ. وَأَمَّا وَطْءُ الْمُشْتَرِي، فَحَرَامٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَلَكَ عَلَى قَوْلٍ، فَمِلْكٌ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عَلَى الْأَقْوَالِ، لِوُجُودِ الْمِلْكِ أَوْ شُبْهَتِهِ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ؟ إِنْ تَمَّ الْبَيْعُ، فَلَا، إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْبَائِعِ، وَجَبَ الْمَهْرُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يَجِبُ، نَظَرًا إِلَى الْمَآلِ. وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ وَجَبَ الْمَهْرُ لِلْبَائِعِ إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَلَا مَهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ عَلَى الْأَقْوَالِ. وَهَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ؟ إِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، فَلَا. ثُمَّ إِنْ تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَفِي ثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ قَوْلَانِ، كَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute