الفصل الرابع عشر
*سلطنة دهلى الإسلامية
[٦٠٢ - ٦٨٩ هـ = ١٢٠٦ - ١٢٩٠ م].
النشأة والتكوين:
شهد العالم الإسلامى فترة من تاريخه، تبوَّأ فيها الأرقاء والعبيد
عرش البلاد، وتقاليد الحكم، ومناصب الدولة المهمة، وكان هؤلاء
العبيد من الأتراك الذين جلبهم السلاطين للخدمة فى صفوف الجيش،
فتدرجوا فى مناصبه حتى بلغوا المناصب القيادية المهمة، فزاد
نفوذهم، وعلا شأنهم، وباتوا قوة ضاربة تتحكم فى سير الأمور
وتطورها؛ حتى إن أحدهم انتزع الملك لنفسه حين توفى أحد
السلاطين، ولم يكن له وارث، وأقام المماليك دولتهم بالهند عقب زوال
دولة الغور، وظلَّت دولتهم قائمة مدة أربعة وثمانين عامًا فى الفترة
من سنة (٦٠٢هـ= ١٢٠٦م) إلى سنة (٦٨٩هـ = ١٢٩٠م).
الوضع الداخلى:
كان «قطب الدين أيبك» الذى حكم من سنة (٦٠٢ هـ= ١٢٠٦م) إلى
سنة (٦٠٧هـ = ١٢١٠م)، أول سلاطين المماليك فى «الهند»، واشتهر
بحبه للعدل، وإقراره السلام والأمن فى نواحى بلاده، وبنى مسجدين
كبيرين، أحدهما بدهلى والآخر بآجمبر. وتوفى هذا السلطان فى
عام (٦٠٧هـ= ١٢١٠م)، ثم خلفه ابنه «آرام شاه»، وعجز عن تسيير
أمور البلاد وإدارتها، فاستدعى رجال الدولة والبلاط «ألتُمش» وطلبوا
منه أن يلى أمور السلطنة، فوافق على مطلبهم وطرد «آرام شاه» من
السلطنة، وتربع على عرشها فى عام (٦٠٧هـ = ١٢١١م).
يُعدّ «شمس الدين ألتمش» المؤسس الحقيقى لدولة المماليك فى
«الهند»، وهو مملوكى اشتراه «قطب الدين أيبك» من «غزنة»،
وحمله معه إلى «الهند»، ثم جعله رئيسًا لحرسه، ثم أسند إليه حكم
ولايات «الهند»، فتعرض «شمس الدين» لمحاولات كثيرة للإطاحة به،
وما كاد يتخلص منها حتى ظهر له خطر المغول، وألحقوا بدياره
الخراب والدمار، ولكنهم لم يتحملوا حرارة جو بلاده، واتجهوا صوب
الغرب ثانية، فنجت البلاد من شرورهم.
لم ير «ألتُمش» فى أبنائه الذكور مَنْ يصلح للحكم من بعده، فأوصى