[*بدر (غزوة)]
وقعت هذه الغزوة الخالدة فى السابع عشر من شهر رمضان
المبارك من السنة الثانية من الهجرة عند بئر بين «مكة»
و «المدينة»، وقد سمى الله - تعالى - يومها «يوم الفرقان»؛ لأنه
فرَّق بين الحق والباطل، وأعلى كلمة الإسلام. وسببها أن قافلة
تجارية لقريش، كانت قادمة من «الشام» إلى «مكة»، فأمر النبى
- صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتعرض لها والاستيلاء عليها؛
تعويضًا لهم عن أموالهم التى استولت «قريش» عليها فى
«مكة»، وعندما وصل النبى - صلى الله عليه وسلم - بجيشه إلى
المكان الذى دارت فيه المعركة علم أن القافلة أفلتت ونجت، بعد
أن نجح قائدها «أبو سفيان بن حرب» فى اتخاذ طريق الساحل
بعيدًا عن طريق القوافل المعتاد، حين علم بخروج المسلمين
للاستيلاء عليها، وكان قبل أن يفلت بقافلته قد أرسل سريعًا
إلى «قريش» يستنفرها للخروج لاستنقاذ أموالها التى توشك أن
تقع فى أيدى المسلمين فخرجت فى نحو ألف رجل للقتال،
وأصروا على ذلك حتى بعد أن علموا بنجاة قافلة «أبى
سفيان».وعندما علم المسلمون بإفلات القافلة، رأى بعضهم
العودة إلى «المدينة»، لأن كثيرًا ممن خرجوا لم يكن فى
حسبانهم أنهم خرجوا لقتال وأن حربًا ستقع، وإنماخرجوا
للاستيلاء على القافلة، فكرهوا القتال. لكن الرسول - صلى الله
عليه وسلم - كان يعلم أن الرجوع إلى «المدينة» ستفسره
«قريش» على أنه جبن وضعف عن لقائها ومواجهتها، وسوف
تذيع ذلك فى أوسع نطاق ممكن من شبه الجزيرة العربية، وفى
هذا ضرر بالغ بالدولة الإسلامية ودعوتها، فتصرف الرسول - صلى
الله عليه وسلم - بحكمة بالغة وبعد نظر، واستشار كبار أصحابه
فيما يصنعون، فتحدث «أبو بكر الصديق» و «عمر بن الخطاب»
وغيرهما فأحسنوا الكلام، وأبدوا استعدادًا للتضحية والجهاد
فى سبيل الله. سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلامهم
فسعد به وسُرَّ، لكنه لا يزال فى حاجة إلى معرفة رأى الأنصار