به لابنته «رضية»، ولكن رجال البلاط عهدوا بالملك عقب وفاته إلى
الأمير «ركن الدين فيروز شاه»، إلا أنه لم يهنأ بالملك بسبب الفتن
والاضطرابات التى عمت أنحاء البلاد، وكان نتيجة ذلك أن قُتل هو
وأمه، فآلت أمور الحكم إلى السلطانة «رضية» فى عام (٦٤٣هـ =
١٢٣٦م).
يعد السلطان «بِلْبان» (بِلْبِن) الذى حكم فى الفترة من عام (٦٦٤هـ =
١٢٦٥م) إلى عام (٦٨٦هـ = ١٢٨٧م)، من أقوى سلاطين «الهند»
وأعظمها فى تاريخها الوسيط، إذ واجه المغول الذين عادوا إلى
تهديد «الهند» ثانية، وأعاد الهدوء والاستقرار إلى بلاده، ثم قضى
على «الهندوس» الذين قطعوا الطريق بين «دهلى» و «البنغال»،
وأقر الأمن والنظام فى ربوع دولته.
عهد «بلبان» - حين شعر بدنو أجله - بالحكم إلى ابنه «بغراخان»، إلا
أن ابنه رفض ذلك، فعهد به إلى حفيده «كيخسرو بن بغراخان»،
فتولى أمور البلاد، ولكنه كان ضعيفًا لا يقوى على تسيير أمور
الحكم بمفرده، فأسندها إلى «نظام الدين» الذى اعتمد على خواصه
والمقربين إليه فى إدارة شئون البلاد، فاستبدوا بها، وحاول
«بغراخان» أن يتخلص من «نظام الدين» ولكن الترك لم يمكنوه من
ذلك، وعزلوا ابنه «كيخسرو» وولوا «كيقباد» أحد أطفاله الصغار،
فتصدى لهم «الخلجيون» بقيادة زعيمهم «فيروز شاه»، وقضوا
عليهم، فزال حكم المماليك بالهند على أيديهم.
العلاقات الخارجية:
اتسمت العلاقة الخارجية لسلطنة «دهلى» الإسلامية فى عهد الملوك
المماليك (القرن السابع الهجرى - الثالث عشر الميلادى) بأنها كانت
علاقة عسكرية فى المقام الأول؛ إذ عمد سلاطينها إلى توطيد ملكهم
بعد زوال دولة الغور على أيديهم. يضاف إلى ذلك الخطر الذى واجهه
هؤلاء السلاطين وبلادهم على أيدى المغول، الذين طمعوا فى ملك
بلا حدود، والهندوس الذين سعوا إلى إسقاط حكمهم والتوسع على
حسابهم، واستطاع «بلبان» - كما مر - أن يتصدى للغزاة والطامعين،
وحفظ لبلاده استقرارها وهدوءها.