١٣ - مروان بن محمد بن مروان بن الحكم (١٢٧ - ١٣٢هـ):
هو آخر خلفاء «بنى أمية»، ولى حكم «أرمينيا» و «أذربيجان» منذ
خلافة ابن عمه «هشام بن عبدالملك»، وكان من أكفأ الولاة،
وأكثرهم خبرة وبصرًا بالأمور؛ فارسًا شجاعًا، بطلا مقدامًا، غيورًا
على ملك «بنى أمية».
أدرك «مروان» عواقب مقتل «الوليد بن يزيد» على البيت الأموى،
فخرج من «أرمينيا» قاصدًا «دمشق»؛ ليثأر لمقتل «الوليد»، لكن
الخليفة الجديد «يزيد بن الوليد» ترضَّاه، ورجاه أن يرجع، ووعده
بإصلاح الأحوال، فرجع مؤمِّلا أن يفى الخليفة بوعده، غير أن
الخليفة تُوفِّى فجاءة، تاركًا الدولة وأحوالها مضطربة، لأخيه
«إبراهيم»، الذى عجز عن النهوض بأعباء الخلافة؛ مما دفع «مروان»
إلى التحرك من جديد، قاصدًا «دمشق»، ليجد «إبراهيم» قد غادرها
هربًا، فيدخلها، ويبايع له بالخلافة، ليقوم بآخر محاولة لإنقاذ الدولة
الأموية، التى شاءت الأقدار أن تكون نهايتها على يديه.
ولا يستطيع أحد أن يلوم «مروان» أو يحمله مسئولية زوال الدولة،
فعوامل سقوطها كانت تتفاعل وتعمل من زمن بعيد، وكُتب له أن
يجنى وحده الثمار المرة لأخطاء من سبقه، على الرغم مما بذله من
جهد ومثابرة، وعزم لا يلين، فحارب فى أكثر من ميدان، وصارع
أحداثًا عدّة، كانت كلها ضدَّه، وأول خطر واجهه هو انقسام البيت
الأموى شيعًا وأحزابًا، وإشعال أبناء عمومته الثورات العارمة ضده
فى الشام و «العراق»، ثم انقسام القبائل العربية؛ حيث وقفت القبائل
اليمنية فى وجهه، وهم الأنصار التقليديون لبنى أمية، وانفجار
المشكلات فى أنحاء الدولة كلها من «الأندلس» حتى بلاد «خراسان»
و «ما وراء النهر».
وقد بلغت حركة الخوارج أقصى درجات العنف فى عهد «مروان بن
محمد» (١٢٧ - ١٣٢هـ)، وقد شهد آخر ثورات الخوارج وأشدها خطرًا،
بقيادة «الضحاك بن قيس الشيبانى» فى «العراق»، و «أبى حمزة
الخارجى» فى جنوبى الجزيرة العربية.