فقالت طائفة: فرض على الأئمة وأمرائهم أن يقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على أيدي الظالمين، ونصر الحق، وقتال الباغين، وإنصاف المظلومين، ومنع الدعاة من الفساق والمفسدين.
وقالت طائفة: ذلك على فرض على جماعة المسلمين لا يسعهم التخلُّف عنه بمنزلة الجهاد.
وهذا القول عليه عامَّة أهل العلم من الصَّحابة والتَّابعين وغيرهم لقوله تعالى:{فقاتلوا الَّتي تبغي حتَّى تفيئ إلى أمر الله}.
قال أبو حفص عمر بن الملقن: وهذا هو الصَّحيح.
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو عبيد من حديث (جرير) عن الضَّحَّاك: قال الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فريضتان من فرائض الله - عزَّ وجلَّ -.
قال أبو عبيد: أرى الضَّحَّاك: إنَّما تأول بالفرائض (قوله تعالى): {ولتكن منكم} الآية.
وقد سبق الكلام عليها - فيما تقدَّم - والله أعلم.
ثمَّ اختلفوا هل هو فرض عين أو على الكفاية؟ فالجمهور على أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من علم وتمكن منه بلا عذر؛ لما سبق من قوله - تعالى -: {ولتكن مِّنكم أمَّةٌ يدعون إلى لخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
ولم يقل: كونوا كلكم آمرين بالمعروف.
وقد قال إمام الحرمين أبو المعالي (فرض الكفاية - عندي - أفضل من فرض العين من (حيث) إن فعله البعض يسقط الحرج عن جميع الأمَّة بأسرها وبتركه يأثم المتمكنون منه كلهم).
قال أبو عبد الله بن مفلح: وهو فرض كفاية على من لم يتعين عليه وسواء في ذلك الإمام والحاكم، والعالم، والجاهل، والعدل والفاسق.