للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الروايات: والمعنى فيها أن الفتن تحيط بالقلوب كالمحصور المحبوس. يقال (حصره القوم) إذا أحاطوا به وضيقوا عليه.

وقال الليث حصير الجنب عرق يمتد معترضًا على الجنب إلى ناحية البطن، شبه إحاطتها بالقلوب بإحاطة هذا العرق بالبطن.

وقوله: (عودًا عودًا) هو بضم العين وفتحها، أي مرة بعد مرة.

وقوله: (فأي قلب أشربها) يقال: أشرب القلب هذا الأمر إذا دخل فيه وقبله وسكن فيه.

وقوله: (نكتة سوداء) أي نكت فيه أثر أسود. وهو دليل السخط وكذلك قال حالة الرضا نكتت فيه نكتة بيضاء. قوله: (مربادًا) بميم مضمومة، وراء ساكنة، وموحدة مفتوحة، وهمزة مكسورة، ودال مهملة مشددة منصوبة منونة وهو الذي في لونه إلى ربده.

وهو بين السواد والغبرة وقوله [كالكوز مجخيًا] بميم مضمومة، ثم جيم مفتوحة، ثم خاء معجمة مكسورة- يعني مائلًا. وفسره بعض الرواة بأنه المنكوس -كما تقدم-.

ومعنى الحديث: أن القلب إذا افتتن خرجت منه حرمة المعاصي والمنكرات وخرج منه نور الإيمان كما يخرج الماء من الكوز إذا مال، والله أعلم.

وروى الحكيم الترمذي، وأبو موسى محمد بن أبي بكر المديني في الترغيب والترهيب -بسنديهما عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: (خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن في صفة بالمدينة فقام علينا. فقال: (إني رأيت البارحة عجبًا رأيت رجلًا من أمتي أتاه ملك الموت يقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلًا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك حتى قال لي في العاشرة: ورأيت رجلًا من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة حتى قال: ورأيت رجلًا من أمتي ثمان عشرة مرة) والحديث مطول).

ورواه أبو القاسم إسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب -أيضًا- وفيه تقديم وتأخير.

<<  <   >  >>