علمية أجمع جلة الفلاسفة على الإقرار بصحتها ولكنهم اختلفوا في تعليلها وهم في ذلك فريقان فريق الماديين وفريق الروحيين.
والشواهد على صحة ما تقدم كثيرة تعد بالألوف نجتزئ هنا بذكر واحدة منها يكون بمثابة أنموذج للمطالع اللبيب وهو أن شقيقة أحد الجنود الذين توجهوا إلى الترنسفال أثناء حرب البوير شعرت فجأة في لندرا أن أخاها أصيب برصاصة في صدره والدم ينزف غزيراً من جرحه وأفادها في تلك اللحظة عينها أنه عندما سقط جريحاً في ميدان الوغى عاونه رفيقان احتملاه من موضعه وأغاثاه جهد الطاقة وذكر اسميهما لها دون أن تكون قد سمعت بهما قبلاً على الإطلاق وأوصاها أن تخصهما بهبات مخصوصة من ملكه عينها لها تكون بمثابة تذكار منه إليهما اعترافاً بشهامتها فدونت الشقيقة هذا الشعور والتاريخ بالدقة ولم يكن سوى بضعة أسابيع حتى وردتها التفاصيل مؤيدة لما تقدم كل التأييد.
وليس من داع إلى الأغراب في إيراد الأدلة والشواهد فقد جرى في نفس القاهرة منذ عام أو عامين ما هو بمثابة ثبت لما تقدم إذ جاء رجل وامرأة وأظهرا من البراعة في قراءة الأفكار ما حير الحاضرين وأدهشهم ولقد تفنن الحضور في الإضمار تفنناً حتى أن أحدهم أخذ دبوساً ووضعه ضمن لفافة وضعها مع لفائف أخرى في علبة جعلها في جيبه فلما اقتربت المرأة من الرجل اعترتها هزة عصبية كمن هو في حيرة ثم ما لبثت أن وضعت يدها في جيب الرجل وأخرجت منها اللفافة فقطعتها قطعاً وأخرجت من وسطها الدبوس وهي تنتفض انتفاضاً.
ومن أهم شروط قراءة الأفكار أن يكون القارئ معصوب العينين لكي لا يستعين بقوة فراسته والاستدلال بملامح الوجه على ما يدور في خلد من أمامه وليتمكن من جمع قوى الذهن حتى تكون أشد تأثيراً وانفعالاً إذا كان مفتوح العينين وقد جلس مشاهير قراء الأفكار في حضرة أعظم ملوك العالم والقابضين على أعنة أحكامه فأدهشوا الحضور بما كانوا يأتونه من الإصابة في الحكم وكشف مخبآت الأفكار.
غير أن هنالك فرقاً جوهرياً بين قراءة الأفكار وتراسلها إذ أنه لابد في الحالة الأولى للقارئ من لمس أطراف أنامل الشخص أو جبهته أما في الحالة الثانية فلا شيءٌ من الملامسة بل تنتقل الأفكار من دماغ إلى دماغ آخر على بعد ألوف من الأميال دون توسط