أن السبب في الحرب العثمانية التي نشبت في تشرين الأول ١٩١٣ شكوى المسيحيين من الإدارة في ابيروس وألبانيا ولا سيما مقدونية فكانوا ذريعة لتدخل الممالك الصغرى التي تطمح منذ زمن إلى ضم الشعوب التي هي من عنصرها إلى بلادهم ولم تستطع أوربا المختلفة المقاصد أن تحول دون هذا التدخل.
ولقد حاولت أوربا أن تقطع شأفة الاضطرابات المقدونية فأخذت حكومتا فينا وبطرسبرج من سنة ١٩٠٥ إلى ١٩٠٧ تساعدهما لجنة دولية لتنظيم الإدارة المالية والقضائية في مقدونية ثم أنفقت روسيا وانكلترا غداة مقابلة رفال على توسيع المراقبة الأوربية في هذه البلاد ولكن انتشار القانون الأساسي قد وكل الأمر إلى الباب العالي وكان الانقلاب ٢٤ تموز ١٩٠٨ من عمل الوطنيين المسلمين ممن كانوا يكرهون المداخلة الأوربية مثل سائر الوزراء السابقين على عهد السلطان عبد الحميد وقد طرح برنامج الإصلاحات المقدونية جانباً فكان (كذا) حظ المسيحيين المستبعدين في شبه جزيرة البلقان في سنة ١٩١٠ أتعس مما كان عليه أيام المذابح الأرمنية. وبدت إمارات الضعف في حكومة الأستانة مرات فراحت أوربا تحاول حل المسألة الشرقية وكان من ذلك ضم النمسا لولايتي البوسنة والهرسك (تشرين الأول ١٩٠٨) وأعلنت بلغاريا استقلالها ونشبت فتنة في الوقت نفسه في اليمن (١٩١٠) وظل الاضطراب سائداً في أرمينية وكان من الحرب الايطالية العثمانية (١٩١١ - ١٩١٢) خصوصاً دليل على ضعف العسكرية العثمانية على حين اشتداد الأزمة على مسيحي مقدونية فخاف ملوك البلقان من حنق الرأي العام عليهم في بلادهم ونظروا إلى اختلاف أوربا فرأوا في ربيع سنة ١٩١٢ أن ساعة التحالف قد حانت. فاتخذت الممالك البلقانية اتحاداً سياسياً عسكرياً عقيب مفاوضات طويلة فعقدت محالفة أولى بين صربيا وبلغاريا سنة ١٩٠٩ ولم يخف على روسيا ما جرى بينهما فتلقته بالقبول لأنها رأت فيه جواباً مناسباً لتضم النمسا للبوسنة والهرسك. وتمت هذه المحالفة سنة ١٩١٢ على أن تكون التخوم بين البلادين صربيا وبلغاريا آخذة من وارنة مجتازة بحيرة أواخر يدا إلى أن تبلغ البحر الادرياتيكي وفي تموز ١٩١٢ عقدت محالفة أخرى بين بلغاريا واليونان على أن تترك هذه سلانيك خارج المنطقة التي تريدها ثم عقدت محالفة بين بلغاريا والجبل