ولهذه الأرقام من الوجهة السياسية مكانة عظمى فالجزر البريطانية تستطيع أن تستمد من مستعمراتها ثلاثة أرباع ما ينقصها لمقطوعيتها. وإن ما نقوله هنا عن الحنطة ليصح أيضاً في اللحوم وسائر الحبوب الغذائية. فالقوة البحرية الإنكليزية الضخمة تضمن ورود الأقوات عليها بانتظام وهي مسألة حيوية بالنسبة إليها لأنه إذا استطاع العدو أن يمنع عنها القوات اللازمة هلكت بالمجاعة. ومثل ذلك يقال في دول التحالف الثلاثي فهي لا قوام لها بدون وصول المؤونة اللازمة لها من الخارج. وأهم البلاد التي تستورد منها روسيا وهي عدوتها. فإذا أمسكت عنها الحنطة في إبان الحرب وكانت لها (أي روسية) بحرية قوية هلكت أمم التحالف الثلاثي جوعاً. وإن هذه الجاة حاجة استيراد المؤن من الخارج لتزيد عاماً فعام بسبب ازدياد الناس في أوربا في الآونة الأخيرة وتجد البرهان عَلَى ذلك المقارنة التالية:
الكمية المستوردة (ألف قنطار)
١٨٨١ ١٩٠٩
ألمانيا ٣٠٨٥ ٢٠٥٦
النمسا والمجر ٤١٣٧١٨٤
إنكلترا٣٥٥٢٠ ٥٦٤٥٨
إيطاليا٤٨٥١٢٦٠٥
أما فرنسا التي كانت ما قط تستورد كميات كبيرة فقد استوردت في سنة ١٨٨١ اثني عشر مليوناً و٨٦٤ ألف قنطار أي أكثر مما استوردته دول التحالف الثلاثي بثلاث مرات. وسبب ذلك أن سكان ألمانيا كانوا في ذلك العهد ٤٤ مليوناً مقابل ٦٤ مليوناً في ١٩٠٩ و٦٧ مليوناً اليوم. وكانت النمسا ٣٨ مليوناً وهي اليوم ٥٣ مليوناً. وإن ازدياد عدد السكان في أوربا كلها ليضطرها أن تستورد حاجتها من الحنطة من الخارج. وهذا الاضطرار يقضي بوجوب الاعتماد عَلَى عمارة تجارية كبيرة وأسطول حربي ضخم. اهـ.
أموال الفرنسيس
لفرنسا وحدها في القروض التي عقدتها الدولة منذ سنة ١٨٨٥ إلى الآن مبلغ ٨٤٦ مليون