أنشئت فيها عقب الدستور كان يصح أن يقال أن الحكومة العلمية لم تزل بحالها أيضاً. وقد أثر هذه السنة ما شوهد من النقص في حاصلات البلاد الداخلية لراءة الاسم فخف إصدار الغلات من طرابلس وكانت بجالتها لاتي تنقل الحبوب إليها في السنين الغابرة من جهات عكار وصافيتا وحمص وحماه وسلمية أكثر حركة منها اليوم بسكتها الحديدية الجديدة ولكن هذه السنة لا تقاس عليها السنين ما منا موقنين بأن الإرتقاء بطئ الحصول كالإنحطاط ولا بد من قضاء دور الحضانة في الحضارة والسكك الحديدة إذا مدت في الأصقاع المقفرة أعمرتها فما بالك بقطر مخصب البقاع والرباع جيد التربة جيد ذكي الماء والهواء واسع المادة تجود فيه أكثر الغلات والثمرات.
اللهم إن طرابلس ستكون بعد بيروت أهم موانئ سورية بعد سنين إذا تعاضد أهولها على فيه المصلحة تعاضدهم يوم نالوا امتياز سكة حديد طرابلس - حمص وتركوا اشتغال بعضهم ببعض مما هو من شأن البلدان التي لا عمل لأهلها ينهضون به فلا يجدون تسلية لهم سوى الاغتياب والنميمة وأكل بعضهم بعضاً وتسفيه آرائهم فتكون عاقبة التخاذل والتفاشل وذريعة الانحطاط المهين.
تمثل لنا في طرابلس كل التمثيل أن العقلاء من المسيحيين أحسونا الانتفاع بالدستور أطثر من أخوانهم المسلمين فكان واسطة لنهوضهم إذ كانتلديهم مواد الارتقاء موفرة إلا قليلاً فلما جاء دور العمل بوا هبواً محموداً ولولا داء الهجرة الذي تفشى أكثر من غيرهم ولا سيما بسبب الجندية لبلغ أخواننا في الوطن مبلغاً تسحدهم عليه حتى الأمم الراقية. فعسانا نسمع عن هذا البلد الطيب كل ما يسر القلوب من دواعي الاتقاء فنقل وقائعها وحوادثها المزعجة وتكسد سوق الفسوق الرائجة يما ينهال عليها من أمول بعض أغنيائ عطار والحضن وصافيتا ممن يقصدون طرابلس ليفجروا فيها ويتخلون برضاهم عن ملاحظة زروعهم وعمران بلادهم.
وإذا صح ما يسعى إليه بعضهم اليوم من نيل امتياز سكة حديدية من حمص إلى تدمر والمسافة بينهما لا تقل عنمائتي كيلومتر تحمل القطارات إلى طرابلس بغلات الداخلية من شرقي سورية كما ينقل الخط الحلبي محاصيل البلاد الشمالية.
وبعد فقد اشتهرت طرابلس من القديم بمصنوعاتها الحريرية ولا سيما الزنابير الطرابلسية