عليهم ضدا إنما وحد ضداً وحقه أن يكون جمعاً لاتفاق كلمتهم وأنهم كشيء واحد لفرض تضامنهم وقال القرآن أيضاً وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام يريد ذوي جسد ووحد الجسد لإرادة الجنس كأنه قال ذوي جسد من الأجساد ومثله وما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين ومن هذا الباب قول القرآن أيضاً ثم نخرجكم طفلاً قال المفسر: طفلاً حال أجريت على تقدير كل واحد.
الدقيقة التاسعة عشرة
قد ورد في الشعر خطاب المرأة بضمير الرجال وذلك كقوله:
فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم ... لشيءٍ ولا أني من الموت أفرق
وكقول سعيد بن حميد يخاطب محبوبته فضل الشاعره:
تظنون أني قد تبدلت بعدكم ... بديلاً وبعض الظن أثم ومنكر
إذا كان قلبي في يديك رهينة ... فكيف بلا قلب أصافي وأهجر
ومن هذين الشاهدين تعلم أنه يخاطب المرأة بضمير المؤنثة المخاطبة وبضمير جمع المذكر العاقل وهو جائز حيث يؤمن اللبس.
الدقيقة العشرون
إذا كان المتكلم في فن ثم شرع في فن آخر من الكلام يصدر الكلام الجديد بقوله (اعلم) تنبيهاً على الانتقال - ذكر ذلك الزمخشري في كشافه.
الدقيقة الحادية والعشرون
من سنن العرب أن يستغنى بذكر الشيء عن ذكر نقيضه قال المثقب العبدي:
ولا تعدي مواعد كاذبات ... تمرُّ بها رياح الصيف دوني
أراد رياح الصيف والشتاء فاجتزأ بواحد منهما ومثل ذلك قول القرآن سرابيل تقيكم الحر لم يذكر البرد وهي تقي الحر والبرد فترك البرد اجتزاءً بذكر الحر.
الدقيقة الثانية والعشرون
من التراكيب المستفيضة الواردة عن البلغاء ما تقدر فيه الجملة بالمفرد. من ذلك قولهم ما ترى لنا أن أنهرب أم نقيم والتقدير ما ترى لنا الهرب أم الإقامة. وهذا لم أجد من تعرض لذكره. نعم قالوا في باب أم المتصلة أنها تقع بين جملتين في تأويل المفرد نحو قول القرآن