للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعريبه: الظاهر أن التعاويذ قديمة كالضعف والخوف المستحكمين في الإنسان أمام قوى الطبيعة، فتراه يضعف عن أن يجاهد بنفسه في تحمل الآلام المعنوية والطبيعية على اختلاف مظاهرها كالمرض والحزن والخراب يتدرع بما يبعدها عنه أو يقيه شرها بواسطة كلمات أو إشارات أو أشياء يعزو إليها قدرة واقية فوق الطبيعة ومن هذه الغريزة المنبعثة من سرعة التصديق وحب الدفاع عن النفس نشأ في الغالب استعمال التعاويذ في كل مصر وعصر منذ زمن الطاويين على عهد قدماء الفرس والابارجيين في كاليدونيا الجديدة إلى الكركريين من زنوج إفريقية الوسطى، ولا تنس التعاويذ المستعملة عند المحدثين من أهل الغرب التي يحلون بها أذرعهم.

وأغلب الآراء على أن جميع أنواع الحلي والزينة كانت بادئ بدء عبارة عن تعويذة فتتخذ تارة من عصائب أو من أوراق مربعة أو من جلد كتبت عليه كلمات أو رسمت عليه أشكال ورسوم أو أعداد لها في نظرهم فضيلة خاصة أوسور من كتب مقدسة كما تتخذ طوراً من الأحجار الكريمة أو الأحجار الغريبة الشكل والأصل أو من النباتات والجذوع والشعر والوبر والعظم والأظافر والأسنان أو تصنع من مواد كلسية علامة على حيوانات معينة أو من أقراط وأسورة وتماثيل من المعدن أو الحجر أو الخشب أو من الحلي والجرار أو كرات الذهب أو الفضة أو الرخام أو صفائح المعدن أو من خرق الأقمشة أو من جلود الحيوانات يزعمون أن لنقشها ورقشها خاصية الوقاية.

ويدعون أن تأثير التعويذة ناشئ من كيفية حملها وأنها تنفع الحيوان كما تنفع الإنسان وهي وقاية للقطيع كما هي وقاية الراعي وتساعد في النوم كما تساعد في اليقظة وفي عقد البيوع كما في الأمراض الطارئة.

ولئن عم استعمال التعاويذ بما في فطرة الناس كلهم من السذاجة والجبن فالظاهر أنها نشأت من الشرق أو أنها على الأقل كثر استعمالها فيه لأن الإنسان كان يشعر تحت السماوات الصافية بحاجة إلى ما يدفع عنه الأسواء.

وقد عهد في الحضارة المصرية استعمال الأسورة والتماثيل والأحجار الكريمة التي كانوا يزعمون أنها تجلب السعادة، وإن الكتابات على ورق البردي التي كانت تلف وتخاط في الثوب ليحملها الإنسان وكان يتزين بها الرجال والنساء بعقود الصفر المخفي ومن حرذون