ربيعة كان يقول أيضاً بإمامة محمد بن الحنيفة وأنه لم يمت بل هو مقيم بجبل رضوى وقال في ذلك:
إلا قل للوصي فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
أضر بمعشر والوك منا ... وسموك الخليفة والإماما
فعادوا فيك أهل الأرض طرا ... مقامك فيهم ستين عاما
وما ذاق ابن خولة طعم موت ... ولا ذاقت له أرض عظاما
لقد أمسى بمورق شعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكراما
هدانا الله إذ حزتم لأمر ... به ولديه نلتمس التماما
تمام إمامة المهدي حتى ... يروا آياتنا تترى نظاما
وكان الحميري يشرب الخمر جهاراً ويقول بالرجعة ليلاً ونهاراً. قال لرجل تعطيني ديناراً بمائة دينار إلى الرجعة قال إن وثقت لي بمن يضمن لي أنك ترجع إنساناً إنما أخشى أن ترجع كلباً أو خنزيراً فيذهب مالي.
هذه الحرية في الفكر والاعتقاد كانت لذلك السيد الحميري في أيام الأمويين فلما دالت الدولة وتغيرت الأيام وانتقل الملك إلى بني العباس بقي الرجل على حريته في نحلته ولم يعارضه أحد من أهل الدولة الجديدة لأن الحرية كانت شعار الدولة العربية فإن انتقل السلطان من بيت إلى بيت فالحرية ثابتة الدعائم هنا وهناك والناس بفضلهم لا بمذهبهم ورأيهم. انظروا إلى السيد الحميري ودلاله على أهل الدولة الناشئة كما كان لأمثاله في الدولة البائدة ذلك لما استقام الأمر لأبي العباس السفاح خطب يوماً فأحسن في خطبته. فلما نزل عن المنبر قام إليه السيد الحميري فأنشد:
دونكموها يا بني هاشم ... فجددوا من آيها الطامسا
دونكموها فالبسوا تاجها ... لا تعدموا منكم لها لابسا
دونكموها لأعلا كعب من ... أمسى عليكم ملكها نافسا
خلافة الله وسلطانه ... وعنصراً كان لكم دارسا
لو خير المنبر فرسانه ... ما اختار إلا منكم فارسا
والملك لو شور في ساسة ... ما اختار إلا منكم سائسا