ويجبي الضرائب وهو القاضي الأكبر والحبر الأعظم وله سلطة القضاة. ولبيان أن هذه السلطة قد جعلته رجلاً فوق الرجال من البشر لقبوه بلقب ديني وهو أغسطس أو أغست ومعناه المحترم.
لم تنتظم شؤون المملكة بثورة أتت على كل اصطلاح قديم ولم يلغ اسم جمهورية وانقضت ثلاثة قرون وأعلام الجنود لا يزال يكتب عليها أربعة حروف من أول أربع كلمات ومعناها مجلس الشيوخ والشعب الروماني ولكن اجتمعت السلطة التي كان يتقاسمها أشخاص كثيرون في يد واحد وبدلاً من أن يتولاها سنة فقط أصبح يتولاها طول حياته فالإمبراطور هو الحاكم الفرد مدى حياته في الجمهورية وفيه يتجسد الشعب الروماني ولذلك كان له مطلق التصرف.
مجلس الشيوخ والشعب: بقي مجلس الشيوخ الروماني على ما كان عليه قديماً مجلس أعيان الأغنياء وأكثر الوجوه حرمة في المملكة فكانت عضوية المجلس تعد من الشرف المرغوب فيه فإذا أرادوا أن يقولوا الأسرة الفلانية كبيرة يقولون هي أسرة شيوخ ولكن مجلس الشيوخ على حرمته لم تعد له سلطة لأنه لا يتأتى للإمبراطور أن يستغني عنه ولم يبرح مع هذا أول قوة حاكمة في الحكومة وإن لم يكن المسيطر عليها وكان يتظاهر الإمبراطور أحياناً بأنه يريد أخذ رأيه ولكنه لا يعمل بمشوراته.
فقد الشعب كل سلطة إذ ألغيت مجالسه منذ عهد تيبر. وأصبح جمهور الأمة المزدحم في رومية لا يتألف إلا من بضعة ألوف من كبار السادة مع عبيدهم ومن خليط من الشحاذين وكانت الحكومة قد تعهدت بإطعامهم ودام الإمبراطرة يوزعون عليهم الحنطة ويرضخون لهم بشيء من النقود فأعطى أغسطس سبعمائة فرنك عن كل رأس سبع مرات وأعطى نيرون ٢٥٠ فرنكاً ثلاث مرات عن كل رأس.
ثم أن الحكومة كانت تقيم مشاهد لتسلية هذا الغوغاء. وكان عدد المشاهد النظامية ٦٦ يوماً في السنة على عهد الجمهورية فبلغت بعد قرن ونصف على عهد مارك أوريل ١٣٥ يوماً وفي القرن الخامس وصلت إلى ١٧٥ يوماً دع عنك الأيام الإضافية.
وتدوم هذه المشاهد منذ شروق الشمس إلى غروبها فيتناول المتفرجون طعامهم في الساحات. وهذا ما كان الإمبراطرة يتخذون منه طريقة أمينة لإشغال العامة. قال أحد