والبلبل والعصفور المعدودة بهجة الغابات والحدائق بل هناك كثير من ضروبها تطرب إذا سمعت أنغامنا كالببغاء ومنها أجناس لا تستطيع محاكاة الأصوات البشرية ولكنها مع ذلك تقلد صوت الآلات التي تسمعها. والحباشة الذي يألف البيوت إذا سمع نغماتنا لا يلبث أن يهيج وينفخ صوته ويكرهه كأنه يريد أن يتمكن من الصوت الذي يسمعه وربما أمكن تعليمه بعض الألحان. والزرزور سماع للأنغام وقد علمه أحدهم نشيد المارسليز فلما نقل الزرزور إلى مكان آخر علمه لرفاقه الزرازير.
وذوات الأربع من البهائم كالبقر مثلاً تطرب للنغمات. والثور يطرب لصوت الحراث عليه فيمشي على نغماته متلطفاً كما أن الجمل يطرب للحداء. ولا يقتصر الطرب فيها على تموجات صوت الإنسان بل إن أي نوع من الأصوات إذا ردد كثيراً يكون سبب السرور وكذلك الحال في الجواد والخيول فإنها تتقحم المهالك إذا سمعت الأصوات ثم أنها تميز بين أصوات أصحابها وغيرهم. والحصان يتألم من الأصوات الرديئة وهو سريع السمع جداً وإذا عود سماع الصوات الرديئة اعتادها وهو يؤثر نغمات الرباب على نغمات الكمنجة ويطرب جداً للبوق.
فإن خيول الجند تظهر الفراهة والنشاط عندما ترى أبواق الأجواق الموسيقية والحمار يحسن السماع والاستماع حتى لقد روي أن حماراً سمع صوت امرأة أطربه فما زال يقترب منه حتى دخل الدار ليسمعها عن أمم. والفيل سماع للأنغام.
وقال بعضهم أن الجرذان تستهويها الأنغام وأن الكلب البحري قد يصاد بسماع الموسيقى والذئب لا يطرب للصوت. وربما فزع ولعله يهرب إذا سمع نغم الكمنجة أو بوق مبوق صوتاً شديداً. ومن الدببة ما يرقص على نغمات الأوتار ولكن ليست هذه هي التي تطربها بل تخاف السياط التي تنهال عليها ممن يضربها فترفع قوائمها على ضخامتها وقلما تخربط إلا عن غير قصد. أما الأسود فيقال أنها تطرب للأنغام وفي إنكلترا أسد جال البلاد وكان من أكثر المخلوقات تأثراً بنغمات البيانو وكانت تظهر منه أعاجيب حين يشرع صاحبه في الضرب على هذه الآلة فيزمجر وتقذف عيونه شرراً حتى يخاف المتفرجون ويضطر صاحبه إلى الكف عن الضرب على آلته.
والهر قليل التأثر بالموسيقى وقيل أن بعض الهررة تموء عندما تسمع الأنغام. والكلب كثير