وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، من حديث الأعمش عن عطاء بن السائب. وروى شعبة والثوري هذا الحديث عن عطاء بن السائب بطوله.
وفي الباب: عن يسيرة بنت ياسر".
وقال البزار: "ولا نعلم أسند الأعمش عن عطاء بن السائب إلا هذا الحديث، ولا رواه عن الأعمش، إلا عثام بن علي".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا عثام بن علي".
وحسن إسناده النووي في الأذكار (٢٨)، وصحح إسناده في الخلاصة (١٥٦٠).
وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن".
ثم قال: "رجال هذا الإسناد غالبهم كوفيون، وكلهم ثقات، إلا أن عطاء بن السائب اختلط، ورواية الأعمش عنه قديمة؛ فإنه من أقرانه، والسائب والد عطاء هو: ابن مالك، وثقه ابن معين والعجلي".
قلت: هذا الحديث مداره على عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، فمن سمع منه قديماً فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء، وممن سمع منه قديماً: شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، وسفيان بن عيينة، وهشام الدستوائي، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية.
وممن سمع منه بأخرة بعد الاختلاط: جرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الوارث بن سعيد، ومحمد بن فضيل، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وبالجملة: أهل البصرة، قال أبو حاتم: "وفي حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره" [راجع الكللام عن عطاء بن السائب، ومن روى عنه قبل وبعد الاختلاط: فضل الرحيم الودود (٣/ ٢١٦/ ٢٤٩) و (٩/ ٤٣٤/ ٨٦٣)] [تخريج أحاديث الذكر والدعاء (١/ ٦٢/ ٣٦)].
والأعمش أكبر من هؤلاء، وأقدم منهم موتاً.
وعثام بن علي العامري: كوفي، ثقة، من أصحاب الأعمش.
* قلت: وقد ثبت عندي أن عثام بن علي لم ينفرد بهذا الحديث عن الأعمش، فقد توبع عليه بإسناد صحيح عالٍ:
فقد روى جعفر الخلدي [توفي سنة (٣٤٨)] في جزء من فوائده (٢٣٣)، قال: حدثنا محمد: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعقد التسبيح.
قلت: وهذا إسناد صحيح عالٍ إلى الأعمش، وبه ثبتت متابعة عثام بن علي، من قبل أحد أصحاب الأعمش المكثرين عنه: أبي بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب، مكثر عن الأعمش].