قال أبو بكر [ابن المنذر]: والحديث الذي احتج به أحمد ... "، فأسند حديث سهل بن حنيف هذا.
قلت: قال إسحاق بن منصور في مسائله (٩٢): "قلت: يفرك الثوب من المذي والودي؟ قال: الودي لا يكاد يصيب الثوب؛ لأنه إنما يكون على أثر البول، والمذي أرجو أن يجزئه النضح، والغسل أعجب إلي. قال إسحاق: لا بد للمذي من الغسل".
وهذه النقول عن الإمام أحمد تشير إلى أن الحديث لم يكن عنده في الدرجة العليا من الصحة والثبوت، لذا فإن ابنه صالحًا لما سأله عن المذي يصيب الثوب؟ قال: "حديث محمد بن إسحاق لا أعرفه عن غيره، ولا أحكم لمحمد بن إسحاق -يعني: حديث سهل بن حنيف-" [مسائل صالح (١٠٣٤)].
وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٣٠٦): "وقال الإمام أحمد -في رواية الأثرم-: لا أعلم شيئًا يخالفه. ونقل عنه غيره أنه قال: لم يروه إلا ابن إسحاق، وأنا أتيهيبه. وقال مرة: إن كان ثابتًا أجزأه النضح".
لكن الحديث حسن؛ فإن رجاله ثقات؛ غير ابن إسحاق؛ فإنه حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، ولم يعنعن فهو مشهور بالتدليس؛ وقد صرح هنا بالتحديث.
***
٢١١ - . . . معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب الغسل؟ وعن الماء يكون بعد الماء؟ فقال: "ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة".
• حديث صحيح بشواهده، دون زيادة: "وأنثييك"، فإنها لا تصح.
هذا حديث طويل اختصره بعض الرواة، وطوله بعضهم، وقد رواه عن معاوية بن صالح: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن صالح، ولفظ الأخيرين المعلول: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب الغسل؟ وعن الماء يكون بعد الماء؟ وعن الصلاة في بيتي؟ وعن الصلاة في المسجد؟ وعن مواكلة الحائض؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يستحي من الحق -وعائشة إلى جنبه- فأما أنا؛ فإذا كان مني وطء جئت فتوضأت ثم اغتسلت، وأما الماء يكون بعد الماء، فذلك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة، وأما الصلاة في المسجد، والصلاة في بيتي، فقد ترى ما أقرب بيتي من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إليَّ من أن أصلي في المسجد؛ إلا أن تكون صلاة مكتوبة، وأما مواكلة الحائض، فواكلها".