للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبلفظ مغاير للفظ سعد، حيث قال: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه"، ولم يعقبه الزيادة المذكورة، وقد تابع الثوريَّ على ذلك جماعةٌ عن علقمة، فدل ذلك على المغايرة بينهما، وأن زيادة سعد في الإسناد لم تكن وهمًا من شعبة، لذا فقد أخرج البخاري الحديثين جميعًا في صحيحه، والله أعلم.

قال ابن الجوزي في كشف المشكل (١/ ١٦٩): "وصحح البخاري كلتا الروايتين اعتمادًا على إتقان الإمامين سفيان وشعبة، وحملاً للأمر على أن علقمة سمعه من سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن، وسمعه من أبي عبد الرحمن، فكان تارة يرويه عن سعد عن أبي عبد الرحمن، وتارة عن أبي عبد الرحمن، ... ، وصححه الترمذي أيضًا بالروايتين، وأعرض عن إخراجه مسلم لما رأى من الاختلاف فيه، ورأي البخاري في ذلك أسدُّ".

وقال ابن حجر في الفتح (٩/ ٧٥): "ورجح الحفاظ رواية الثوري، وعدُّوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد، وقال الترمذي: كان رواية سفيان أصح من رواية شعبة، وأما البخاري: فأخرج الطريقين، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعًا محفوظان، فيحمل على أن علقمة سمعه أولًا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به، أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن فثبته فيه سعد، ويؤيد ذلك ما في رواية سعد بن عبيدة من الزيادة الموقوفة، وهي قول أبي عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد، كما سيأتي البحث فيه.

وقد شذت رواية عن الثوري بذكر سعد بن عبيدة فيه، قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى القطان: حدثنا سفيان وشعبة، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة به، وقال النسائي: أنبأنا عبيد الله بن سعيد: حدثنا يحيى، عن شعبة وسفيان؛ أن علقمة حدثهما، عن سعد، قال الترمذي: قال محمد بن بشار: أصحاب سفيان لا يذكرون فيه سعد بن عبيدة وهو الصحيح اهـ.

وهكذا حكم علي بن المديني على يحيى القطان فيه بالوهم، وقال ابن عدي: جمع يحيى القطان بين شعبة وسفيان، فالثوري لا يذكر في إسناده سعد بن عبيدة، وهذا مما عد في خطأ يحيى القطان على الثوري، وقال في موضع آخر: حمل يحيى القطان رواية الثوري على رواية شعبة، فساق الحديث عنهما، وحمل إحدى الروايتين على الأخرى، فساقه على لفظ شعبة، وإلى ذلك أشار الدارقطني، وتعقب بأنه فصل بين لفظيهما في رواية النسائي، فقال: قال شعبة: خيركم، وقال سفيان: أفضلكم. قلت: وهو تعقب واهٍ؛ إذ لا يلزم من تفصيله للفظهما في المتن أن يكون فصل لفظهما في الإسناد، قال ابن عدي: يقال: إن يحيى القطان لم يخطئ قط إلا في هذا الحديث، وذكر الدارقطني أن خلاد بن يحيى تابع يحيى القطان عن الثوري على زيادة سعد بن عبيدة، وهي رواية شاذة، وأخرج ابن عدي من طريق يحمى بن آدم عن الثوري وقيس بن الربيع، وفي رواية عن يحيى بن آدم عن شعبة وقيس بن الربيع، جميعًا عن علقمة عن سعد بن عبيدة، قال: وكذا رواه سعيد بن سالم

<<  <  ج: ص:  >  >>