عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، [ومنهم من زاد: وعمرو بن ميمون]؛ أن عمر - رضي الله عنه - كان لا يقنت في الصبح. وفي رواية: صلينا خلف عمر الفجر فلم يقنت.
* وفي الصحيح الثابت عن عمر غنية:
فحن أبي رافع؛ أنه قنت مع عمر في صلاة الصبح بعد الركوع، يدعو على الفجرة.
وعن عبيد بن عمير، قال: سمعت عمر يقنت بعد الركوع، يدعو على الكفرة.
وهي مرويات صحيحة تقدم ذكرها في آثار عمر.
ثم قال الطحاوي: "فأخبر الأسود بالمعنى الذي له كان يقنت عمر - رضي الله عنه -؛ أنه إذا حارب يدعو على أعدائه، ويستعين اللّه عليهم ويستنصره، كما كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فعل، لما قُتل من قُتل من أصحابه، حتى أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)}، قال عبد الرحمن بن أبي بكر: فما دعا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أحد بعد، فكانت هذه الآية عند عبد الرحمن وعند عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ومن وافقهما: تنسخ الدعاء بعد ذلك في الصلاة على أحد.
ولم يكن عند عمر - رضي الله عنه - به بناسخة ما كان قبل القتال، وإنما نسخت عنده الدعاء في حال عدم القتال، إِلَّا أنه قد ثبت بذلك بطلان قول من يرى الدوام على القنوت في صلاة الفجر، فهدا وجه ما روي عن عمر - رضي الله عنه - في هذا الباب".
* فإن قيل: قد روي عن بعض التابعين، مثل: عبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهد، أنهم سئلوا عن القنوت في الفجر، فقالوا: سنة ماضية، كما روي فعله عن بعض التابعين [مسند ابن عباس من تهذيب الآثار لابن جرير (٦٢٩ - ٦٣٥)]، فيقال: يحمل أيضًا على النوازل حتى يأتي دليل بين على لزوم القنوت في الصبح على الدوام بغير سبب يهيج عليه، أو يقال: قد تتابعت الفتن في أيامهم، فرأى بعضهم لزوم القنوت مراعاة لهذا المعنى، والله أعلم.
* وحديث أنس في هذا حجة وبرهان قاطع على عدم لزوم القنوت على الدوام، ففيه: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا بعد الركوع، يدعو على أحياءٍ من أحياء العرب، ثم تركه.
* وفي حديث ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ أنهما سمعا أبا هريرة، يقول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد، قنت بعد الركوع.
فدل على كونه عارضًا، لا دائمًا.
* وقوله فيه: "اللَّهُمَّ أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللَّهُمَّ اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم كسنيِّ يوسف، اللَّهُمَّ العن لحيان، ورِعلًا، وذكوان، وعُصيةَ عصت الله ورسوله": فدعاؤه لأشخاص بأعيانهم، ودعاؤه على آخرين بأعيانهم، دليل على كونه مؤقتًا بواقعة بعينها، فإذا زال الداعي، أوقف الدعاء.