للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيقال: لم ينفرد به ابن عجلان، فقد تابعه: أسامة بن زيد، كما بينته آنفًا.

فإن قيل: وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال (١/ ٥٠٣/٣٠٢) و (٢/ ٢٤/ ١٤٢٨): "قال أبي: روى أسامة بن زيد عن نافع أحاديث مناكير، قلت له: إن أسامة حسن الحديث، قال: إن تدبرت حديثه، فستعرف النكرة فيها" [الجرح والتعديل (٢/ ٢٨٤)، الضعفاء الكبير للعقيلي (١/ ١٧)].

فيقال: هذا فيما ينفرد به أسامة بن زيد عن نافع، أو ينفرد به ابن عجلان عن نافع، ولا يوجد ما يدل ثبوت أصله، بخلاف حديثنا هذا، حيث تتابع فيه صدوقان مدنيان عن نافع، وقد اشتهر من حديث سالم عن ابن عمر.

° قال أبو جعفر النحاس: "فهذا إسناد مستقيم، وليس فيه دليل على ناسخ ولا منسوخ، وإنما نبهه الله جل وعز على أن الأمر إليه، ولو كان هذا ناسخًا لما جاز أن يلعن المنافقون".

وقال البيهقي في المعرفة (٣/ ١١٨ - ط قلعجي): "وكان هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد"، واحتج في ذلك برواية عمر بن حمزة، وبما أخرجه مسلم في صحيحه (١٧٩١) من حديث: حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كُسرت رَباعيته يوم أحد، وشُجَّ في رأسه، فجعل يسلُت الدم عنه، ويقول: "كيف يفلح قوم شجُّوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟ "، فأنزل الله عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. إلى أن قال البيهقي: "فكان هذا بأحد، وقتلُ أهل بئر معونة كان بعد أحد، وقد قنت النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده، ودعا على من قتلهم، دل أن هذه الآية لم تحمل على نسخ القنوت جملة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقنت بعد نزول هذه الآية، إلا أنه كان يلعن من قتلهم بأعيانهم شهرًا، ثم ترك اللعن عليهم، ويدعو للمستضعفين بمكة بأسمائهم، ثم لما قدموا ترك الدعاء لهم".

ثم استشهد بحديث الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في ترك القنوت بعد قدومهم، ثم قال: "وهذا كان قبل الفتح بيسير، وإنما أسلم أبو هريرة في غزوة خيبر، وهو بعد نزول الآية بكثير، دل أن الآية لم تحمل على نسخ القنوت". ثم احتج أيضًا بفعل أبي هريرة في القنوت على عدم نسخ القنوت بهذه الآية.

وقال شيخ الإسلام في فتاويه: "فلو كان قد نسخ القنوت لم يقنت هذه المرة الثانية" [مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٦٩)].

* فإن قيل: فما تقول فيما صح عن ابن عمر في نفي ذلك:

١ - فقد روى سعيد بن أبي عروبة [وعنه: ابن أبي عدي]، وشعبة [وعنه: عبد الله بن إدريس، وعبد الصمد بن عبد الوارث]، وهمام بن يحيى:

عن قتادة، عن أبي مجلز، قال: صليت مع ابن عمر الصبح فلم يقنت، قلت: ما يمنعك من القنوت؟ قال: لا أحفظه عن أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>