قلت: وهذا وهمٌ؛ لعله دخل لأبي الأشعث أحمد بن المقدام العجلي حديث في حديث؛ فإن هذا الحديث يُعرف من حديث أبي هريرة، من طريق: يونس بن يزيد، وإبراهيم بن سعد: عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ أنهما سمعا أبا هريرة، يقول: ... فذكرا الحديث، في الدعاء للمستضعفين بمكة، والدعاء على أحياء من العرب، وذكرا الآية [تقدم برقم (١٤٤٢)].
وأما حديث ابن عجلان: فإنما يُعرف من حديثه عن نافع عن ابن عمر.
* ولم ينفرد به ابن عجلان عن نافع:
• فقد رواه عبد الله بن وهب [ثقة حافظ]: أخبرني أسامة بن زيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو على رجال من المشركين، يسميهم بأسمائهم، حتى أنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)}، فترك ذلك.
أخرجه أحمد (٢/ ١١٨/ ٩٩٧٥). [الإتحاف (٩/ ١٥/ ١٠٢٨٨)، المسند المصنف (١٤/ ٢٦٥/ ٦٩٠٠)].
قلت: وهذا إسناد مدني حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه أخرج لأسامة بن زيد في الشواهد والمتابعات، لا في الأصول.
وأسامة بن زيد الليثي مولاهم: صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (٣٩٤ و ٦٠٠ و ٦١٩)]، ولا أستبعد أن يكون هذا من كتابه؛ إذ يرويه عنه عبد الله بن وهب، وهو يروي عنه نسخة صالحة [قال ابن عدي في الكامل (١/ ٣٩٥): "يروي عنه ابن وهب بنسخة صالحة"، ولم ينكر على أسامة شيئًا من نسخة ابن وهب]، وقد روى مسلم من هذه النسخة في المتابعات.
وهذا الحديث قد توبع عليه أسامة بن زيد، تابعه محمد بن عجلان [وهما صدوقان مدنيان]، فروياه عن نافع عن ابن عمر.
ورواه الزهري، وعمر بن حمزة، وحنظلة بن أبي سفيان، عن سالم، عن ابن عمر، وصله الزهري وعمر بن حمزة، وأرسله حنظلة؛ قصر به.
وبهذا يظهر أن حديث نافع عن ابن عمر: حديث صحيح غريب، لم ينفرد به عن نافع: محمد بن عجلان؛ بل تابعه عليه: أسامة بن زيد، ثم هو مشهور من حديث: سالم عن ابن عمر، والله أعلم.
فإن قيل: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٢١٨ ٤٩٤٥): "حدثني ابن خلاد، قال: سمعت يحيى [يعني: ابن سعيد القطان]، يقول: كان ابن عجلان مضطربًا في حديث نافع، ولم يكن له تلك القيمة عنده" [الضعفاء الكبير للعقيلي (٤/ ١١٨)].