للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

* فإن قيل: فما تقول فيما روي عن ابن عمر، وابن عمرو، وأبي هريرة مرفوعًا؛ في النهي عن التنفل بعد طلوع الفجر إلا بركعتي الفجر، وفي أحد ألفاظه: "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين قبل صلاة الفجر"؟

فيقال: لا يثبت من ذلك شيء، راجع فضل الرحيم الودود (١٤/ ٢٣٨ - ٢٥١/ ١٢٧٨).

ومما قلت هناك:

* ولا يشهد حديث حفصة لحديث عبد الله بن عمر، ولا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:

وقد رواه شعبة، عن زيد بن محمد، قال: سمعت نافعًا، يحدث عن ابن عمر، عن حفصة؛ أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.

أخرجه مسلم (٧٢٣/ ٨٨)، وتقدم تخريجه بطرقه تحت الحديث رقم (١٢٥٤).

وقد رواه جماعةٌ منهم مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخبرته: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سكت المؤذن عن الأ أن بصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.

فهذا الحديث لا يشهد لحديث ابن عمر، ولا حديث ابن عمرو، وذلك لأن غاية ما يدل عليه حديث حفصة أنه يحكي فعله الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم-، والذي كان يداوم عليه، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يفرغ من قيام الليل قبل طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر لم يصلِّ سوى ركعتي الفجر، وهذا الفعل بمجرده لا يمنع المتنفل من الزيادة على ركعتي الفجر إن احتاج إلى ذلك؛ كأن يغفل عن حزبه الذي كان يصلي به، فيدركه قبل صلاة الفجر [وهو قول مالك]، وذلك بخلاف الحديث القولي الناهي عن الشروع في النافلة بعد طلوع الفجر [ولا يثبت]، والذي يقول فيه: "ليبلغ شاهدُكم غائبَكم، لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر"؛ بل إنه نص في المسألة لوروده في الإنكار على من صلى هذه الصلاة، فقد قال ابن عمر: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة فتغيَّظ علينا تغيُّظًا شديدًا، ثم قال: ... فذكره، والله أعلم.

فإن قيل: فما تصنعون بحديث ابن عمر: أن رجلًا سال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة الليل، فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة" [أخرجه البخاري (٤٧٢)، ومسلم (٧٤٩)]، وبحديث ابن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يمنعن أحدًا منكم أذانُ بلالٍ من سُحوره؛ فإنه يؤذن بليلٍ؛ ليَرجع قائمَكم، ويوقظ نائمَكم" [أخرجه البخاري (٦٢١ و ٥٢٩٨ و ٧٢٤٧)، ومسلم (١٠٩٣)].

فيقال: حديث ابن عمر ورد لبيان وقت صلاة الليل وكيفيتها، وليس فيه ما يقطع بالمنع لمن أتم صلاته بعد طلوع الفجر، أو أتى بشيء من حزبه بعد الطلوع، وكذلك حديث ابن مسعود لبيان وقت السحور وأن أذان بلال منبه له حتى يحصل فضيلة السحور فيوقظ النائم ويرجع القائم، ومعنا في المقابل حديث عمرو بن عبسة في بيان عدم وجود

<<  <  ج: ص:  >  >>