وقال ابن عبد البر في التمهيد (٧/ ٦٢): "وقال يحيى بن معين: لم يسمع أبو سلمة من أبيه، ولا من طلحة بن عبيد الله، وضعَّف حديث النضر بن شيبان"، قال ابن عبد البر:"توفي أبوه سنة ثنتين وثلاثين قبل وفاة عثمان بأربع سنين أو نحوها".
ونقل الخطيب في المتفق (١٦٤٢) بإسناده إلى عبد الرحمن بن يوسف بن خراش، قال:"النضر بن شيبان: لا يعرف إلا في هذا الحديث".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ٢٥٢): "أبو سلمة: لم يسمع من أبيه شيئاً، وضعفوا حديث النضر بن شيبان هذا"، وضعفه أيضاً في الأحكام الكبرى (٢/ ٣٨٨).
وانظر كلام ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٣/ ٤٤٣ - ٤٤٥) عن تضعيفه للحديث، ووجه نقده له.
قلت: هو حديث منكر؛ وإثبات السماع فيه خطأ محض؛ فقد قال ابن معين والبخاري ويعقوب بن سفيان وابن خراش عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف:"لم يسمع من أبيه شيئاً"، وقال أبو بكر محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع:"وقول أبي سلمة: سمعت أبي، غلط؛ لأن الحفاظ وأصحاب الحديث ذكروا أن أبا سلمة لم يسمع من أبيه، وأن عبد الرحمن مات وأبو سلمة ذو أربع سنين" [تاريخ ابن معين للدوري (٣/ ٨٠/ ٣٣٢)، المراسيل (٩٤٧)، أخبار القضاة (١/ ٤٨)، تاريخ دمشق (٢٩/ ٢٩٦)، تحفة التحصيل (١٨٠)]، والنضر بن شيبان هذا قد ضعفه يحيى بن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"وكان ممن يخطئ"، والأفجع من ذلك قوله في المشاهير:"من جلة البصريين ومتقنيهم؛ إلا أنه كان يهم في الشيء بعد الشيء" [الثقات (٧/ ٥٣٣)، المشاهير (١٢٣٢)، الميزان (٤/ ٢٥٨)، التهذيب (٤/ ٢٢٣)؛ فلم يصب ابن حبان في ذلك؛ وقد انتقده على ذلك ابن حجر في التهذيب؛ فقال:"وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن يخطئ، قلت: فإذا كان أخطأ في حديثه وليس له غيره؛ فلا معنى لذكره في الثقات"، ثم استطرد في الكلام محاولاً الدفاع عن ابن حبان؛ إلى أن قال أخيراً:"فتضعيف النضر على هذا متعيِّن"، قلت: إذ ليس للنضر غير هذا الحديث الواحد؛ كما قال ابن خراش، ثم هو قد خالف فيه أئمة الحديث وحفاظ زمانهم: الزهري ويحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأنصاري، ثم إنه قد أتى فيه بقصة باطلة، فالأولى أن يقال في مثله: منكر الحديث، وقد ردَّ حديثه هذا: ابن معين، والبخاري، والنسائي، ويعقوب بن سفيان، والدارقطني.
ولابن شهاب فيه إسناد آخر عن أبي هريرة:
فقد روى الشافعي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن القاسم، وأبو مصعب الزهري، وعبد الله بن وهب [وعنه: يونس بن عبد الأعلى]، وعبد الرزاق بن همام،