قال الدارقطني في العلل (٦/ ٧٩ / ٩٨٨): "وقول حماد بن سلمة: أشبه بالصواب؛ لأن الحديث معروف من رواية شهر، على اختلاف عنه فيه، وأحسنها إسنادًا: حديث عبد الحميد بن بهرام ومن تابعه، عن شهر، عن ابن غنم، عن معاذ.
وروى هذا الحديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة - وكان ضعيفًا -، عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن معا" ولا يثبت".
قلت: شهر لم يسمع من معاذ، قال البزار في المسند (٧/ ١٠٤/ ٢٦٦٠): "شهر بن حوشسب: لم يسمع من معاذ بن جبل" [التهذيب (٣/ ٦٥٦)، الميزان (٢/ ٢٨٣)، نتائج الأفكار (١/ ٣٧١)، كشف الأستار (٢)، جامع التحصيل (٢٩١)].
ورواية عبد الحميد بن بهرام، وابن أبي حسين، عن شهر، عن عبد الرحمن بن فنم، عن معاذ بن جبل: أولى بالصواب؛ فإنهما من أصحاب شهر.
وقد تعقب ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/ ٧٩٢)، حكم الترمذي بقوله: "وفيما قاله - رجمه الله - نظر من وجهين:
أحدهما: أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ، وإن كان قد أدركه بالسن، وكان معاذ بالشام، وأبو وائل بالكوفة، وما زال الأئمة كأحمد وغيره يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا، وقد قال أبو حاتم الرازي في سماع أبي وائل من أبي الدرداء: قد أدركه، وكان بالكوفة، وأبو الدرداء بالشام؛ يعني: أنه لم يصح له سماع منه، وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر، أو نفوه، فسماعه من معاذ أبعد.
والثاني: أنه قد رواه حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ، خرجه الإمام أحمد مختصرًا، قال الدارقطني: وهو أشبه بالصواب؛ لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عليه فيه.
قلت: ورواية شهر عن معاذ مرسلة يقيناً، وشهر مختلف في توثيقه وتضعيفه، وقد خرجه الإمام أحمد من رواية شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، وخرجه الإمام أحمد أيضًا من رواية عروة بن النزال، أو النزال بن عروة، وميمون بن أبي شبيب، كلاهما عن معاذ، ولم يسمع عروة ولا ميمون من معاذ، وله طرق أخرى عن معاذ كلها ضعيفة".
ي - قلت: قد رواه عبد الحميد بن بهرام: حدثنا شهر: حدثنا ابن غنم، عن حديث معاذ بن جبل؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس قِبَل غزوة تبوك، فلما أن أصبح صلى بالناس صلاة الصبح، ثم إن الناس ركبوا، فلما أن طلعت الشمس نعس الناس على أثر الدُّلجة، ولزم معاذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو أثره، والناس تفرقت بهم ركابهم على جواد الطريق [وفي رواية: جوانب الطريق]، تأكل وتسير، فبينما معاذ على أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وناقته تأكل مرة وتسير أخرى، عثرت ناقة معاذ، فكبحها بالزمام، فهبَّت حتى نفرت منها ناقة