للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: فلعله أتي من قِبَل غلوه في الرفض، وإلا فإنه كان حافظًا، قال الذهبي في الميزان (٢/ ٦٤١): "وكان ذا اعتناء بالعلم والرجال، وقد أخذ عنه شعبة، ولما تبين له أنه ليس بثقة تركه"، هكذا خفي أمره على شعبة زمانًا فأثنى عليه، فلما تبين له أمره تركه.

ومن كان في مثل حاله فيمكن أن يعتبر بروايته في مثل هذا، فإن روايته هذه تبين عوار رواية الزيات وحماد بن شعيب، وأن حبيب بن أبي ثابت إنما أخذه عن رجل مجهول عن عروة بن الزبير، وهي موافقة لأقوال الحفاظ في إثبات عدم سماع حبيب من عروة.

وفي بعض ما تقدم ما يردَّ قول أبي داود أن حبيبًا روى عن عروة بن الزبير حديثًا صحيحًا، فإنما هو حديث ضعيف، ولم يثبت لنا فيه سماع حبيب من عروة، بل ما أخذه حبيب إلا عن رجل مجهول عن عروة مما يؤكد الانقطاع بينهما، والله أعلم.

هذا مع احتمال أن يكون مراد أبي داود من قوله هذا: رد قول الثوري بأن حبيبًا ما حدثهم إلا عن عروة المزني، ولم يحدثهم عن ابن الزبير بشيء، فأراد أن يقول بأنه قد صحت الرواية أن حبيبًا قد روى عن عروة بن الزبير، وإن لم يسمع منه، والله أعلم.

والحديث قد ضعفه الترمذي، وأعله الخطيب البغدادي.

فلا حجة بعد ذلك لمن يقول بأن أبا داود يثبت سماع حبيب من عروة لهذا الحديث، بعد أن بأن بأنه مدلَّس، دلسه حبيب عن عروة، ورواه مرة فذكر الواسطة بينهما، وهو رجل مجهول لا نعرف عينه ولا حاله.

• نعود بعد ذلك إلى المحفوظ عن الأعمش في هذا الحديث، فنذكر أقوال أهل العلم فيه:

قال الترمذي في الجامع (٨٦): "وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد.

قال: وسمعت أبا بكر العطار البصري يذكر عن علي بن المديني قال: ضعَّف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث جدًّا، وقال: هو شبه لا شيء.

قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يضعِّف هذا الحديث، وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة ... ، وليس يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء".

وقال في العلل (٥٦): "وسألت محمدًا عن حديث الأعمش ... ؟ [فذكره ثم قال:] فقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة" [وانظر الجامع (٩٣٦) أيضًا].

وقال ابن المنذر: "ويقال: إن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئًا".

وقال ابن أبي حاتم في العلل (١/ ٤٨/ ١١٠): "وسمعت أبي يقول: لم يصح حديث عائشة في ترك الوضوء من القُبلة، يعني: حديث الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة، وسئل أبو زرعة عن الوضوء من القُبلة؟ فقال: إن لم يصح حديث عائشة قلت به".

ونقل ابن أبي حاتم في المراسيل (٨١) عن يحيى بن معين قال: "لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة"، ثم قال: "وكذا قال أحمد: لم يسمع من عروة".

<<  <  ج: ص:  >  >>