قلت: أما حديث قبيصة فهو حديث منكر؛ لاشتماله على هذه الجملة المنكرة: "فصلوا كأحدث صلاةٍ صليتموها من المكتوبة"، ولم يسمعه أبو قلابة من قبيصة، بينهما هلال بن عامر، وهو رجل مجهول.
وأما حديث النعمان فهو أيضًا حديث منكر؛ لاشتماله على نفس الجملة في بعض طرقه، وفي بعضها: فكان يصلي ركعتين ويسأل، ويصلي ركعتين وشمال، حتى انجلت، وظاهره أنه صلى أكثر من ركعتين، كل ركعتين كهيئة صلاة الفجر، وهذا خلافٌ صريح للأحاديث الصحيحة في صفة صلاة الكسوف، ولم يسمعه أبو قلابة من النعمان، بينهما رجل مبهم، وأعل بالإرسال أيضًا، واللَّه أعلم.
* وله إسناد آخر عن النعمان:
رواه معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن النعمان بن بشير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه خرج يومًا مستعجلًا إلى المسجد وقد انكسفت الشمس، فصلى حتى انجلت، ثم قال: "إن أهل الجاهلية كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا ينخسفان إلا لموت عظيم من عظماء أهل الأرض، وان الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما خليقتان من خلقه، يحدث اللَّه في خلقه ما يشاء، فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي، أو يحدث اللَّه أمرًا".
أخرجه النسائي في المجتبى (٣/ ١٤٥/ ١٤٩٠)، وفي الكبرى (٢/ ٣٤٧/ ١٨٨٨) و (١٠/ ٢٤٨/ ١١٤٠٨)، والطبراني في الكبير (٢٠٠ - قطعة من الحادي والعشرين، مسند النعمان). والبيهقي (٣/ ٣٣٣).
قال البيهقي: "وهذا أشبه أن يكون محفوظًا".
قلت: لكون معناه محفوظًا من الأحاديث الصحيحة، لا يخالفها في شيء، سوى أنه مجمل في صفة الصلاة، ولا يضر ذلك؛ لكن إسناده لا يصح أيضًا:
فهو أيضًا غريب من حديث قتادة، انفرد به معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، والحسن البصري لم يسمع من النعمان شيئًا، قاله ابن المديني، وقال ابن معين: "مرسل" [تاريخ الدوري (٤/ ٣٠٢/ ٤٥٠٩)، والمراسيل (١٣٥)، وتحفة التحصيل (٧٢)].
* وله شاهد من حديث بلال، ولا يثبت:
يرويه نصر بن علي، قال: أنا زياد بن عبد اللَّه، قال: نا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها".
أخرجه البزار (٤/ ٢٠٧/ ١٣٧١)، والروياني (٧٥٢)، والطبراني في الكبير (١/ ٣٥٨/ ١٠٩٤)، وفي الأوسط (٦/ ١١٥/ ٥٩٦٨).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن بلال إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد،