ولم نسمعه إلا من نصر، وقال غير نصر: عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثني فلان، وسماه نصر فقال: عن بلال".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن بلال إلا ابن أبي ليلى، ولا عن ابن أبي ليلى إلا يزيد".
قلت: نصر بن علي الجهضمي: ثقة ثبت، لكن الشأن إما في زياد بن عبد اللَّه البكائي، فهو: ثقة ثبت في مغازي ابن إسحاق، وليس هو بالقوي في غير المغازي [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (٣٩٣)]، أو في يزيد بن أبي زياد، وهو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقِّن تلقن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (٩/ ٣٤٤)، والميزان (٤/ ٤٢٣)، والجامع في الجرح والتعديل (٣/ ٣١٥)، وقد تقدم الكلام عليه مرارًا].
• قلت: خالف البكائي: عبثر بن القاسم، ومحمد بن فضيل [وهما ثقتان]:
فروياه عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثني فلان وفلان؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن كسوف الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة. كذا في رواية ابن فضيل، وفي رواية عبثر: عن رجل من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٢١٨/ ٨٣١١)، وفي المسند (٩٨٠)، والخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ٢٦).
قلت: وهذا الأشبه بالصواب، وهو حديث ضعيف؛ لأجل يزيد، والأول منكر، واللَّه أعلم.
° قال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٤١٢): "وروى محمد قول الكوفيين في صلاة الكسوف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديث أبي بكرة، وسمرة بن جندب، وعبد اللَّه بن عمر، والنعمان بن بشير، وقبيصة الهلالي، وعبد الرحمن بن سمرة، وقد ذكرنا بعضها في التمهيد وهي آثار مشهورة صحاح، إلا أن المصير إلى زيادة من حفظ أولى.
فإن قيل: إنه قد روي في صلاة الكسوف عشر ركعات في ركعة، وثماني ركعات في ركعة، وست ركعات في ركعة، وأربع ركعات في ركعة، فهلا صرت إلى زيادة من زاد في ذلك قيل له: تلك آثار معلولة ضعيفة، قد ذكرنا عللها في التمهيد.
ومن أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان بن بشير،. . . ".
قلت: حديث أبي قلابة عن قبيصة، وعن النعمان، كلاهما حديث منكر، كما تقدم بيانه، وكلام ابن عبد البر في التمهيد أقرب لمذاهب المحدثين في ذلك، واللَّه أعلم.
قال في التمهيد (٣/ ٣٠٥) بعد حديث قبيصة والنعمان: "الأحاديث في هذا الوجه في بعضها اضطراب، تركت ذلك لشهرته عند أهل الحديث، ولكراهة التطويل، والمصير إلى حديث ابن عباس وعائشة من رواية مالك أولى؛ لأنهما أصح ما روي في هذا الباب من جهة الإسناد، ولأن فيها زيادة في كيفية الصلاة يجب قبولها، واستعمال فائدتها،