إِلَّا في هذه الرواية عن شريك، وقد رواه عن شريك جماعة من أصحابه المدنيين الثقات، فلم يذكروهما، وكذلك مَن روى الحديث عن أنس من ثقات أصحابه، مثل: ثابت البناني، وعبد العزيز بن صهيب، وإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، وقتادة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن عبيد اللَّه بن أنس بن مالك، وحميد بن أبي حميد الطويل، ففي رواية أكثرهم: فرفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يديه، زاد حميد: حتى رأيت بياض إبطيه، وفي رواية حماد بن سلمة عن ثابت: ووصف حماد: بسط يديه حيال صدره، وبطن كفيه مما يلي الأرض-، وقد تقدم حديث قتادة، عن أنس؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إِلَّا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يُرَى بياضُ إبطيه [تقدم برقم (١١٧٠)، وهو حديث متفق عليه]، وحديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يستسقي هكذا -يعني:- ومدَّ يديه، وجعل بطونهما مما يلي الأرضَ، حتى رأيتُ بياضَ إبطيه، وفي رواية: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استسقى فأشار بظهر كفّيه إلى السماء [تقدم برقم (١١٧١)، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (٨٩٦/ ٦)]، وحديث شعبة، عن ثابت، عن أنس، قال: رأيت رسول اللَّه ي يرفع يديه في الدعاء، حتى يُرى بياضُ إبطيه [تقدم تحت الحديث رقم (١١٧١)، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (٨٩٥)]، وأما حديث عمير مولى آبي اللحم؛ أنه رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[يستسقي] عند أحجار الزيت، قريبًا من الزوراء، [قائمًا] يدعو، [يستسقي] رافعًا كفيه قبَل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه، [وفي رواية: مقبل بباطن كفيه إلى وجهه]؛ فلم يكن ذلك على المنبر يوم الجمعة، وإنما كان في الاستسقاء عند أحجار الزيت، قريبًا من الزوراء، فهما واقعتان مختلفتان، واللَّه أعلم.
وأما قول سعيد المقبري في هذا الحديث: تمزَّق السحاب حتى ما نرى منه شيئًا، فقد خولف فيه؛ فقد رواه أصحاب شريك بدون هذا النفي، وفي رواية أكثر أصحاب أنس أن السحاب تفرق عن سماء المدينة وصار حولها كالإكليل، ففي رواية: فجعل السحاب يتصدَّع حول المدينة كانه إكليل، وفي ثانية: فجعلت تمطر حولها، ولا تمطر بالمدينة قطرةً، فنظرت إلى المدينة، وانها لفي مثل الإكليل، وفي ثالثة: فتقوَّر ما فوق رأسنا منها، حتى كأنا في إكليل، يمطر ما حولنا، ولا نمطر، وفي رابعة: فانجابت حتى كانت المدينة كأنها في إكليل، وفي خامسة: فجعل السحاب يتقطَّع حول المدينة، ولا يمطر أهل المدينة، وفي سادسة: فتكشَّطت عن المدينة، وفي سابعة: وصارت المدينة مثل الجَوبة، أي: الفجوة أو الفرجة المستديرة المنكشفة.
ولا أستبعد أن يكون الوهم في ذلك من شريك نفسه، فإنه ليس به بأس، وله أوهام.
* وقد رواه أبو ضمرة أنس بن عياض، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وأخوه محمد بن جعفر، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وسليمان بن بلال [وهم ثقات مدنيون]، وغيرهم:
عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر؛ أنه سمع أنس بن مالك يذكر أن رجلًا دخل يوم