للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كما تقدم بيانه في كلام يعقوب بن شيبة، حيث قال: "وحديث عطاء عن محمد ابن الحنفية؛ أن عمارًا مرَّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي"، هكذا مرسلًا، والثاني: أن يكون الخطأ في قول الراوي: "عن محمد بن علي"، والذي قد يوهم أنه محمد بن علي بن الحسين، بخلاف ما لو قال: عن محمد ابن الحنفية، فإنه حينئذ لا يشتبه بغيره، والله أعلم.

وعلى هذا فتكون الرواية المحفوظة عن عطاء: مرسلة، ورجالها ثقات، وقيس بن سعد المكي: ثقة من قدماء أصحاب عطاء بن أبي رباح، والله أعلم.

وهذه الرواية لا تعارض رواية أبي الزبير المتصلة، لاحتمال أن ابن الحنفية رواها مرة هكذا، ومرة هكذا، والله أعلم.

وانظر فيمن وهم في إسناده: ما علقه الحازمي في الاعتبار (٧١).

ب- لكن روى ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن علي بن حسين؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَّم عليه عمار بن ياسر، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فردَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن جريج: أخبر به عطاء، عن محمد بن علي، فلقيت محمد بن علي، فسألته فحدثني به.

أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٣٣٤/ ٣٥٨٧).

قلت: هذه الرواية لابن جريج لا تدع مجالًا للشك في كون راوي القصة هو أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين؛ إذ هو الذي أدركه ابن جريج بخلاف ابن الحنفية فلم يدركه ابن جريج، لكني لا أعتمد على هذا النص لأمور:

الأول: أن ابن جريج لم يذكر فيه سماعًا من عطاء بن أبي رباح، وإنما ذكره بصيغة اعتاد ابن جريج استعمالها فيما دلسه ولم يسمعه، وهي قوله: ذكر وقال وأخبر، ونحو ذلك.

الثاني: أن الأسانيد السابقة لتدل دلالة بينة على أن أبا الزبير وعطاء بن أبي رباح قد رويا هذا الحديث عن محمد بن علي ابن الحنفية، كما جاء مصرحًا به في رواية جماعة من الحفاظ [سوى ما وقع في مطبوعة الناسخ لابن شاهين من رواية ابن طهمان، ويغلب على ظني أنها مصحفة عن ابن الحنفية].

الثالث: يغلب على ظني أن ابن جريج وهم لما علم بهذه الرواية عن شيخه عطاء، والتي رواها عن محمد بن علي، فظن أنه أبا جعفر الباقر، فذهب إليه وسأله عن هذا الحديث، وكان على علم به، فحدثه به مرسلًا، وقد رواه عن أبي جعفر الباقر أيضًا: عمرو بن دينار، كما سيأتي، والله أعلم.

وابن جريج وإن كان مقدَّمًا في عطاء على غيره؛ إلا أننا في هذا الحديث نقدم رواية قيس بن سعد المكي، وهو من قدماء أصحاب عطاء، لكون ابن جريج ذكره بصيغة تدل على عدم سماعه له من عطاء، والله أعلم.

وانظر: الفتح لابن رجب (٦/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>