للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخامس: أن قول الدارقطني لا يقتضي الترجيح، بقدر ما يقتضي أن الليث قد حفظ ما سمع من المقبري، مثلما حفظ ابن أبي ذئب وابن عجلان، فلا يمنع ذلك كونَ المقبري عنده فيه شيخان، سمعه من أحدهما ثمَّ أراد العلو، فسمعه من شيخ شيخه، ولو أراد الدارقطني مطلق الترجيح لاستعمل عباراته المعهودة في ذلك، مثل أن يقول: والمحفوظ أو الصحيح أو الصواب: قول الليث، ونحو ذلك، والله أعلم.

وعلى هذا فالقولان عندي محفوظان.

أحدهما: إسناد مدني صحيح.

والثاني: إسناد ضعيف؛ لأجل جهالة أبي عبيدة، والله أعلم.

والحديث قد صححه ابن خزيمة وابن حبَّان والحاكم، وصحح إسناده أبو موسى المديني، ونقل عن الأئمة والحفاظ تلقي هذا الحديث بالقبول والتسليم وعدم الإنكار، وهو حجة في إثبات صفة البشاشة للمولى جل وعلا على الوجه الذي يليق به، من غير تعطيل ولا تأويل، ولا تشبيه ولا تمثيل.

• قال أبو بكر بن المنذر: "من سبق إلى مكان من المسجد فهو أحق به ما دام ثابتًا فيه، فإذا زال عنه زال حقه، إذ ليس أحدٌ أحقُّ به من أحدٍ، قال الله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} الآية [الجن: ١٨]، وقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: ١٨] ".

وقال البغوي في شرح السُّنَّة (٣/ ١٦٢): "قوله: نقرة الغراب، هي أن لا يتمكن من السجود، ولا يطمئن فيه، بل يمس بأنفه وجبهته الأرض، ثمَّ يرفعه كنقرة الطائر.

وافتراش السبع: أن يمد ذراعيه على الأرض، فلا يرفعهما.

وأما إيطان البعير، فقال أبو سليمان الخطابي: فيه وجهان:

أحدهما: أن يألف الرجل مكانًا معلومًا من المسجد لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يأوي من عطنه إلا إلى مبرك دمث قد أوطنه.

والوجه الآخر: أن يبرك على ركبتيه إذا أراد السجود بروك البعير على المكان الذي أوطنه، ولا يهوي فيثني ركبتيه حتى يضعهما بالأرض على سكون ومهل".

وانظر: النهاية لابن الأثير (٥/ ١٠٣ و ٢٠٣)، وقد تقدم أن بيَّنت ضعف حديث الإيطان، وأنه قد صح ما جاء بخلافه، والله أعلم.

***

٨٦٣ - . . . جرير، عن عطاء بن السائب، عن سالم البرَّاد، قال: أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود، فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام بين أيدينا في المسجد، فكبر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفلَ من ذلك، وجافى بين مِرفَقيه، حتى استقرَّ كلُّ شيء منه، ثمَّ قال: سمع الله لمن حمده، فقام حتى استقرَّ كلُّ شيء منه، ثمَّ كبر وسجد، ووضع كفَّيه على الأرض، ثمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>