قال أبو عبد الله: أعجبني هذا لما سمعته؛ فإن أبا موسى أحفظ من رأينا من أصحاب الرأي على أديم الأرض".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ١٠٢): "أخبار لا تثبت".
وقال النووي في المجموع (٣/ ٣١٥): "والجواب عن الأحاديث التي احتج بها القائلون بإسقاط القراءة بها: أنها كلها ضعيفة، وليس فيها شيء صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضها موقوف، وبعضها مرسل، وبعضها في رواته ضعيف أو ضعفاء".
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٤٢): "حديث ضعيف عند الحفاظ".
• والآثار في الباب كثيرة، وقد اقتصرت على صريح المرفوع، وعلى ما هو معلول بالموقوف، أو ما دعت الحاجة إلى ذكره.
• وحاصل ما جاء في هذا الباب:
أن أصح ما ورد فيه مرفوعًا: هو مرسل عبد الله بن شداد بإسناد صحيح، وجاء معناه مقيدًا موقوفًا على: ابن مسعود، وأبي الدرداء، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وهو صحيح ثابت عنهم، موقوف عليهم.
فما صح من ذلك عنهم في عدم القراءة خلف الإمام؛ يحمل على حال الجهر دون الإسرار، جمعًا بين الأخبار، وحتى توافق هذه الآثار حديث عبادة: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، وحديث أبي هريرة: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرأن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام"، وما كان في معناهما، حيث تحمل هذه الأحاديث الصحيحة على إيجاب القراءة بفاتحة الكتاب على الإمام والمنفرد والمأموم في الصلاة السرية، لا سيما وحديث عمران بن حصين فيه إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على قراءتهم خلفه بما زاد على فاتحة الكتاب، وإنما أنكر رفع الصوت بما حقه الإسرار، لذا قال شعبة: فقلت لقتادة: أليس قول سعيد: أنصِتْ للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به، وفي رواية عن شعبة، قال: قلت لقتادة: كأنه كرهه؟، قال: لو كرهه نهى عنه، فلما لم ينههم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قراءتهم خلفه بما زاد على فاتحة الكتاب، دل على أنها هي السُّنَّة، واللّه الموفق إلى سبيل الأبرار.
قال ابن عبد البر في التمهيد (١١/ ٥٢) عن حديث عمران: "ليس في هذا الحديث دليل على كراهية ذلك [يعني: كراهية القراءة خلف الإمام في السرية]؛ لأنه لو كرهه لنهى عنه، وإنما كره رفع صوت الرجل بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في صلاةٍ سُنَّتُها الإسرارُ بالقراءة".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث عمران هذا: "ففي هذا الحديث أن منهم من قرأ خلفه في صلاة السر بزيادة على الفاتحة، ومع ذلك لم ينههم عن ذلك، وذلك إقرار منه لهم على القراءة خلفه بالزيادة على الفاتحة في صلاة السر، خلافًا لمن قال: لا يقرأ خلفه بحال، أو لا يقرأ بزيادة على الفاتحة" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣١٩)].