وانظر: النكت الظراف بحاشية التحفة (١٢/ ١٥٩/ ١٦٩٥٩).
• قلت: حاصل هذا الاختلاف على هشام بن عروة: أن المحفوظ عنه رواية جماعة الحفاظ بالشك: هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب، أو: زيد بن ثابت.
وهذا هو قول البخاري والدارقطني، وخالفهما أبو حاتم، فقال: "إنما هو: عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل" [العلل (٤٨٤)، وتقدم ذكره]، ولم أقف على من رواه بهذا الوجه مسندًا، والصواب مع البخاري والدارقطني، والله أعلم.
فإن قيل: قول الدارقطني: "والصحيح من هذا الحديث: زيد بن ثابت، ولم يسمعه عروة منه، إنما سمعه من مروان عن زيد بن ثابت"، فهو معارض أولًا: بثبوت لقاء عروة لزيد بن ثابت، وقد أثبته له ابن المديني [وانظر الرد على من نفى سماعه منه: الحديث المتقدم برقم (٤١١)].
وثانيًا: بثبوت السماع من رواية أبي الأسود، كما تقدم في طرق الاختلاف على عروة، وقد قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٤٧): "وعند النسائي من رواية: أبي الأسود، عن عروة، عن زيد بن ثابت، أنه قال لمروان: أبا عبد الملك أتقرأ في المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، وصرح الطحاوي من هذا الوجه بالأخبار بين عروة وزيد، فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيدًا فأخبره"، وقد ذهب إليه قبل ذلك ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٥/ ٢٣١/ ٢٤٤١).
فيقال: أولًا: إنما نفى الدارقطني السماع في هذا الحديث على وجه الخصوص، ولا تمانع بين كون الراوي سمع شيخه وحدث عنه بأحاديث مسموعة، ثم يروي بعد ذلك حديثًا أو أكثر عنه بواسطةٍ لكونه لم يسمعه منه، وثانيًا: فقد تقدم بيان عدم ثبوت هذا السماع في رواية أبي الأسود وفي رواية الليث بن سعد، والله أعلم.
• وحاصل الاختلاف على عروة في هذا الحديث:
أن ابن أبي مليكة، رواه عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت.
ورواه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي يتيم عروة، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت.
ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب، أو: زيد بن ثابت.
والذين اختلفوا على عروة كلهم ثقات مدنيون معروفون بالرواية عن عروة والإكثار عنه، وقد اتفق اثنان منهم على أن الحديث من مسند زيد بن ثابت، وشك هشام، وعليه فرواية الذي حفظ ولم يشك أولى من رواية من شك ولم يضبط.
كذلك فإن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو تابعي ثقة حافظ حجة، أدرك ثلاثين من الصحابة، قد زاد في الإسناد مروان بن الحكم بين عروة وزيد، والزيادة من الحافظ مقبولة.