ولهذا الأثر عن ابن عباس إسناد آخر فيه مقال؛ انظر: تاريخ بغداد (٦/ ١٨٦)، المختارة للضياء المقدسي (١٠/ ١٩٢/ ١٩٣).
وإسناد آخر عند: ابن الضريس في فضائل القرآن (١٨١).
• وعلى هذا فالمحفوظ في هذا عن ابن عباس: أنه كان يرى السبع المثاني هي السبع الطوال، وليس فاتحة الكتاب؛ ودل ذلك على نكارة رواية عبد العزيز بن جريج عن سعيد بن جبير، والله أعلم.
• نعود مرة أخرى إلى ما روي عن ابن عباس في الجهر بالبسملة:
١ - فقد روى حماد بن سلمة [ثقة]، عن عاصم بن بهدلة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
أخرجه الخطيب في الجهر بالبسملة (١٢ - مختصره للذهبي).
قال الذهبي: "إسناده حسن، والصحيح وقفه".
قلت: قد اختلف فيه على عاصم بن أبي النجود:
فرواه حماد بن سلمة عنه به هكذا مرفوعًا.
• خالفه فأوقفه: شريك بن عبد الله النخعي، فرواه عن عاصم بن أبي النجود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه كان يجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
أخرجه الطحاوي (١/ ٢٠٠)، والخطيب في الجهر بالبسملة (٢١ - مختصره للذهبي).
هكذا رواه محمد بن سعيد بن سليمان الأصبهاني [ثقة ثبت]، وعلي بن حكيم بن ذبيان الأودي الكوفي [ثقة]، عن شريك به موقوفًا.
وهذا إسناد جيد في المتابعات.
ورواه موقوفًا أيضًا: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [وهو ممن روى عن ابن أبي عروبة قبل وبعد اختلاطه، فلم يميز بينهما]، قال: أخبرنا سعيد [يعني: ابن أبي عروبة]، عن عاصم بن بهدلة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه كان يفتتح القراءة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
أخرجه البيهقي في السنن (٢/ ٤٩)، وفي المعرفة (١/ ٥٢١/ ٧٢٠)، والخطيب في الجهر بالبسملة (٢٥ - مختصره للذهبي).
وهذا إسناد حسن في المتابعات، وهو يعتضد بما قبله، وبهما يثبت موقوفًا من فعل ابن عباس؛ معارضًا لما رواه حماد بن سلمة عن عاصم به مرفوعًا.
إلا أنه قد رواه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام: عن الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن سعيد بن جبير؛ أنه كان يجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في كل ركعة.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢/ ٩١/ ٢٦١٤)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٦١/ ٤١٦٠)، وعلقه ابن عبد البر في الإنصاف (٧٧).