للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التابعين، قالوا: لا يقطع الصلاة شيء، وبه يقول: سفيان الثوري، والشافعي".

وقال بعد حديث أبي ذر (٣٣٨): "حديث أبي ذر: حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم إليه، قالوا: يقطع الصلاة: الحمار والمرأة والكلب الأسود، قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء، قال إسحاق: لا يقطعها شيء إلا الكلب الأسود".

وقال ابن نصر المروزي في اختلاف العلماء (٥٦): "قال سفيان: لا يقطع الصلاة شيء؛ كلب ولا حمار ولا امرأة، وكذلك قال أصحاب الرأي، وهو قول: مالك والشافعي، وقال أحمد وإسحاق والحميدي: يقطعها الكلب الأسود خاصة، ولا يقطعها سواه".

وتأول ابن جرير القطع، فقال في تهذيب الآثار (٣٢١ - الجزء المفقود): "فإن قال: أوليس صحيحًا عندك الخبر الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود"؟ قيل: بلى؛ فإن قال: فكيف تجوِّز أن يكون مرور هؤلاء بين يدي المصلي إلى غير سترة قاطعًا صلاته، ثم لا تكون عليه الإعادة؟ قيل: إن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأشياء الثلاثة أنها تقطع صلاة المصلي، نظير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته"، ...

ومعلوم أن قطع الشيطان صلاة المصلي ليس بمروره بين يديه وحده دون إحداثه له من أسباب الوسوسة والشك وشغل القلب بغير صلاته ما يفسد به صلاته، ويقطعها عليه، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه عرض له وهو في صلاته شيطان حتى التبست عليه القراءة، فلم يقطع لذلك صلاته، ...

فلم يستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته بعرض الشيطان له فيها، ولم يُعِدها، وقد لبس عليه قراءته فيها؛ إذ أقام - صلى الله عليه وسلم - حدودها، ولكنه مضى فيها وأتمها، وكذلك معنى قطع المرأة، والكلب الأسود، والحمار: الصلاة، إنما هو بشغل قلب من مر ذلك به في صلاته بمروره به فيها، وإحداثه له فيها من الشك، وحديث النفس ما يقطع به صلاته ويفسدها عليه، فأما من أقام حدودها، وأداها على ما وجبت عليه، فلن يفسدها عليه إفسادًا تجب عليه معه إعادتها شيء مر بين يديه، ... "، ثم أطال في بيان هذا المعنى، فليراجع في موضعه.

• وذهب ابن خزيمة إلى الجمع بين الأحاديث، وإعمالها جميعًا، فقال: "باب ذكر الدليل على أن هذا الخبر في ذكر المرأة ليس مضاد خبر عائشة؛ إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد: أن مرور الكلب والمرأة والحمار يقطع صلاة المصلي، لا ثوى الكلب، ولا ربضه، ولا ربض الحمار، ولا اضطجاع المرأة: يقطع صلاة المصلي، وعائشة إنما أخبرت أنها كانت تضطجع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي؛ لا أنها مرت بين يديه".

وقال أيضًا بعد خبر عبيد الله عن ابن عباس: "وليس في هذا الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الأتان تمر ولا ترتع بين يدي الصفوف، ولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُعلم بذلك، فلم يأمر من مرت

<<  <  ج: ص:  >  >>