صلاته لم يفعل واحدًا من الأمرين، وصلى إلى غير سترة، وكل واحد من هذين الحديثين يرد ذلك الحديث؛ لأنه حديث واحد، وإن أخذت فيه أشياء، فإن قيل: فما يدل عليه كتاب الله من هذا؟ قيل: قضاء الله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]-والله أعلم- أنه لا يُبطل عملُ رجلٍ عملَ غيره، وأن يكون سعيُ كلِّ لنفسه وعليها، فلما كان هذا هكذا، لم يجز أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره".
وقال عبد الله بن أحمد: "سألت أبي: ما يقطع الصلاة؟ قال: الكلب الأسود، قال: أنس يروي أنه يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار؟ قال: أما المرأة فاذهب إلى حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وأنا معترضة بين يديه، وإلى حديث ابن عباس: مررت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا على أتان، فقلت لأبي: إذا مرَّ الكلب الأسود بين يدي المصلي، قطع صلاته؟ قال: نعم، فقلت له: يعيد؟ قال: نعم؛ إذا كان أسود" [مسائله (٣٦٥)].
وقال إسحاق بن منصور الكوسج: "قلت: ما يقطع الصلاة؟ قال: ما أعلمه يقطعها إلا الكلب الأسود الذي لا أشك فيه، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء، قال إسحاق: لا يقطع إلا الكلب الأسود.
قال الإمام أحمد: ومن الناس من يقول: إن قول عائشة - رضي الله عنها - حيث قالت: كنت أنام بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بحجة على هذا الحديث؛ يعني: من قال: يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب؛ لأن النائم غير المار، وقول ابن عباس - رضي الله عنهما - في الحمار حيث مرَّ بين يدي بعض الصف ليس بحجة؛ لأن سترةَ الإمام سترةُ مَن خلفه.
قال إسحاق: كل هذا حجة، ولا يحتاج إلى هذا المبهم مع المفسر، قول عائشة - رضي الله عنها -: عدلتمونا بالحمار" [مسائله (٢٨٧ و ٢٨٨)].
وقال موسى بن سعيد الدنداني [صدوق، حافظ]: قال أبو عبد الله: "في الكلب ست خصال: ثمنه، وسؤره، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها، وتقطع الصلاة، ويقتل الكلب الأسود البهيم؛ إن كان لصاحب ماشية فلا بأس بقتله" [طبقات الحنابلة (١/ ٣٣٢)].
وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ٧٠١): "وفي مسائل الحسن بن ثواب، عن الإمام أحمد: قيل له: ما ترى في الحمار والكلب والمرأة؟ قال: الكلب الأسود يقطع؛ أنه شيطان. قيل له: حديث أبي ذر؟ قال: هاتوا غير حديث أبي ذر، ليس يصح إسناده، ثم ذكر حديث الفضل بن عباس؛ أنه مر على بعض الصف وهو على حمار. قيل له: إنه كان بين يديه عنزة؟ قال: هذا الحديث في فضاء".
[وانظر أيضًا: مسائل عبد الله (٤١٥)، مسائل أبي داود (٣١٨)، مسائل ابن هانئ (٣٣٠)، المغني (٢/ ٤٣)، الفتح لابن رجب (٢/ ٧٠٠ و ٧٠٩)].
وقال الترمذي بعد حديث ابن عباس (٣٣٧): "وحديث ابن عباس: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم من