ابن عمر، فدخل جرو بيني وبينه، فمر بين يدي، فقال: أما أنت فأعد الصلاة، وأما أنا فلا أعيد؛ لأنه لم يمر بين يدي.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٥/ ١٠١/ ٢٤٦٤)، بإسناد صحيح إلى حماد.
والثاني عندي أقرب إلى الصواب، فإن حميدًا الطويل مشهور بالرواية عن بكر بن عبد الله المزني، بخلاف أيوب السختياني، ولم يروه عن أيوب أصحابه المشهورون، ورواية حميد عن بكر في الكتب الستة، ولم أجد روايةً لأيوب عن بكر فيها [انظر: تهذيب الكمال (٤/ ٢١٧)، تحفة الأشراف (٥/ ٤٧ - دار الغرب)، وغيرها].
وهذا إسناد بصري صحيح.
وعلى هذا فقد اختلفت الرواية عن ابن عمر، فقد صح عنه أنه قيل له: يقطع الصلاة الكلب والحمار؟ فقال ابن عمر: لا يقطع صلاة المسلم شيء، وصح عنه هنا: أنه أمر بكر بن عبد الله بإعادة الصلاة، مما يدل على أن الكلب عنده يقطع الصلاة، فالله أعلم.
٧ - عن معاذ بن جبل:
روى ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن معاذ بن جبل، قال: الكلب الأسود البهيم شيطان، وهو يقطع الصلاة.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٢٨/ ٢٣٥٤)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٥٢/ ٢٨٩٨)، وابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٤٦٦/١٠١).
وإسناده ضعيف؛ مجاهد لم يدرك معاذًا [المراسيل (٧٦٣)، تحفة التحصيل (٢٩٤)]، وليث بن أبي سليم: ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه.
• والحاصل: أنه قد صح عن بعض الصحابة، أنه قال: يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب.
وهم: أبو هريرة، وأنس، وصح عن عائشة: أن الحمار والكلب الأسود يقطعان الصلاة، وصح عن ابن عباس: أن المرأة الحائض والكلب الأسود يقطعان الصلاة، وصح عن ابن عمر في الكلب وحده، وصح عن الحكم بن عمرو الغفاري في الحمار وحده.
كما أن حديث أبي جحيفة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بمكة، وهو بالأبطح، وبين يديه عنزة، يمر من ورائها الكلب والمرأة والحمار [وهو حديث متفق عليه، تقدم برقم (٥٢٠ و ٦٨٨)]، يدل على أنه مما كان متقررًا في نفوس الصحابة: أن مرور هذه الثلاث بين المصلي وبين سترته تقطع صلاته، قال ابن رجب في الفتح (٢/ ٦٢٢): "وقوله: يمر بين يديه المرأة والحمار: مما يستدل به على أن مرورهما بين يدي المصلي إلى غير سترة يقطع عليه صلاته، ولولا ذلك لم يكن لتخصيص المرأة والحمار بمرورهما بين يديه من وراء السترة معنى"، ويدل على هذا المعنى أيضًا: قول من قال لعائشة وابن عباس: أن المرأة والحمار والكلب تقطع الصلاة، والله أعلم.
• وبهذا يظهر أن الصحابة قد اختلفوا في هذه المسألة، ولم يتفقوا، فكان مردُّنا عند