للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كذا وكذا، فجعلت لا أسمع شيئًا من ذلك إلا حفظتُه، كأنما يُغرَى في صدري بغراء، حتى جمعت فيه قرآنًا كثيرًا، قال: وكانت العرب تَلَوَّمُ [أي: تنتظر] بإسلامها الفتحَ، يقولون: انظروا فإن ظهر عليهم فهو صادق، وهو نبي، فلما جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام حِوائِنا ذلك، وأقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقيم، قال: ثم أقبل فلما دنا منا تلقيناه، فلما رأيناه، قال: جئتكم والله من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا، وينهاكم عن كذا وكذا، وأن تصلوا صلاة كذا، في حين كذا، وصلاة كذا، في حين كذا، "وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمَّكم أكثركم قرآنًا"، قال: فنظر أهل حِوائِنا فما وجدوا أحدًا أكثر قرآنًا مني؛ للذي كنت أحفظه من الركبان، قال: فقدموني بين أيديهم، فكنت أصلي بهم وأنا ابن ست سنين، قال: وكان عليَّ بردةٌ كنت إذا سجدت تقلَّصَت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم! قال: فكسوني قميصًا من معقد البحرين، قال: فما فرحت بشيء أشد من فرحي بذلك القميص. ولفظ سليمان بن حرب عن حماد [عند البخاري والنسائي والدارقطني والحاكم وأبي نعيم والبيهقي] قريب منه، إلا أنه قال في أوله: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة، قال: قال لي أبو قلابة: [هو حيٌّ] ألا تلقاه فتسأله! قال: فلقِيتُه فسألته، فقال: كنا بماءٍ ممرَّ الناس ... [قال الحميدي في تفسير الغريب (٤٥٣): "يُغرى في صدري، أي: يُلصق بالغراء، وهو صمغ"، وانظر: مشارق الأنوار (٢/ ١٣٣)، النهاية (٣/ ٣٦٤)] [وقال الخطابي: "والحِواء: بيوت مجتمعة على ماء". غريب الحديث (١/ ٤٠٣)، النهاية (١/ ٤٦٥)].

ولفظ ابن علية: عن أيوب، عن عمرو بن سلمة، قال: كنا على حاضرٍ، فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأدنو منهم فأستمع، حتى حفِظت قرآنًا كثيرًا، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتحَ مكة، فلما فُتحت جعل الرجل يأتيه فيقول: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وافد بني فلان، وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه، فلما رجع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قدِّموا أكثركم قرآنًا"، قال: فنظروا -وأنا لعلى حِواء عظيم - فما وجدوا فيهم أحدًا أكثر قرآنًا مني، فقدَّموني وأنا غلامٌ، فصليت بهم، وعليَّ بردةٌ، وكنتُ إذا ركعتُ أو سجدتُ قَلَصَتْ فتبدو عورتي، فلما صلينا، تقول عجوزٌ لنا دَهْرِيَّةٌ: غطُّوا عنا إست قارئكم، قال: فقطعوا لي قميصًا، فذكر أنه فرِح به فرحًا شديدًا [الحاضر: القوم النزول على ماءٍ، يقيمون به، ولا يرحلون عنه. معالم السنن (١/ ١٤٦)، النهاية (١/ ٣٩٩)، لسان العرب (٤/ ١٩٩)].

ورواية حاتم بن وردان بنحو رواية حماد بن زيد وابن علية، وأتى فيه بألفاظ محتملة، وأوله: كنا ثِنْي طريق المدينة، فكان يمر بنا القوم والركب، فتدركهم الصلاة، فيُصَلُّون عندنا، وإني حفظت سورًا من القرآن، ولم أُسلم، فلما فُتحت مكة بعثت العرب بإسلامها، ... وساق الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>